منافسة حامية على سوق السيارات الكهربائية.. إليك التفاصيل

منافسة حامية على سوق السيارات الكهربائية والمتوقع بلوغها 57 تريليون دولار بحلول 2050

12 نوفمبر 2023
تحاول الولايات المتحدة تقويض ريادة الصين في صناعة السيارات الكهربائية عالمياً (Getty)
+ الخط -

بعدما هيمنت محركات الاحتراق الداخلي العاملة بمشتقات النفط على سوق السيارات نحو قرن من الزمن، بدأ العالم في السنوات الأخيرة، تحوّله إلى عصر السيارات الكهربائية، لأسباب بيئية تارة، وأُخرى اقتصادية طوراً، ليسبب هذا التحوّل استحداث بؤر اشتعال في زوايا مثيرة للدهشة من الاقتصاد العالمي، ولعل هذه مجرد البداية.

في "حلقة النار" الغنية بالموارد في كندا، تتعارض الأهداف الخضراء مع تباطؤ تصاريح التنقيب عن معادن المركبات الكهربائية بسبب المخاوف بشأن التدهور البيئي. وفي تايلاند التي يطلق عليها اسم "ديترويت آسيا"، تخسر شركات صناعة السيارات اليابانية قوتها أمام الشركات الصينية.

وفي المكسيك، تتوسع شركات صناعة السيارات الغربية بسرعة لبيع السيارات الكهربائية عبر الحدود الشمالية، لكن في هذه الأثناء، تعمل الشركات الصينية على زيادة مبيعاتها للمستهلكين المحليين، وفقاً لتقرير أوردته شبكة "بلومبيرغ" تناول هذه التطورات تفصيلاً.

وتُعَد الصين رائدة بارزة في سباق السيارات الكهربائية، حيث تبلغ حصتها أكثر من 80% من سعة بطاريات الليثيوم أيون على مستوى العالم، كما تتفوق في غالبية بقية المكونات الحيوية، في الوقت الذي يريد الرئيس الأميركي جو بايدن تغيير ذلك من خلال إنفاق "قانون خفض التضخم" في الولايات المتحدة مليارات الدولارات لجذب المنتجين إلى أميركا وأقرب شركائها التجاريين.

ويلعب الاتحاد الأوروبي دور اللحاق بالركب، من خلال تحقيقه في دعم السيارات الكهربائية في بكين، حيث يؤدي ارتفاع مبيعات السيارات المصنوعة في الصين إلى تعريض ملايين الوظائف للخطر. هذا في حين أن الاقتصادات الأصغر حجماً عالقة في مرمى النيران، فبعضها يربح مع تدفق الاستثمارات الصينية، بينما يستفيد البعض الآخر من قواعد الاستعانة بالأصدقاء ويخسر قدراً مماثلاً من قوته، حيث تواجه التقادم صناعة السيارات التي بُنيت لعصر مضى.

وتشير تقديرات "بلومبيرغ إن إي إف" إلى أن القيمة التراكمية لجميع أشكال مبيعات السيارات الكهربائية ستصل إلى 8.8 تريليونات دولار بحلول عام 2030، ثم إلى 57 تريليون دولار عام 2050، مع احتمال أن يتخطى الرقم 88 تريليون دولار بحلول منتصف القرن إذا تخلص العالم من المركبات التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود بخطوات أسرع.

في هذا الصدد، يقول رئيس قسم النقل وتحليل السيارات في "بلومبيرغ إن إي إف" كولين ماكيراخر: "يُعد قطاع السيارات مصدراً رئيسياً لوظائف التصنيع والاستثمار في البحث والتطوير والابتكار، لكن لن يتمكن الجميع من تحقيق هذا التحول بسلاسة، فالأمر كله في متناول اليد، ولا أحد يريد أن يتخلف عن الركب".

ومن الأمثلة العملية ما يوضح كيف تخلق ثورة السيارات الكهربائية توترات جيوسياسية وبيئية واجتماعية في جميع أنحاء العالم وتعتمد على التحليل الجزئي الذي أجرته "بلومبيرغ إن إي إف" في سبيل استكشاف ما سيأتي بعد ذلك.

من ذلك تدافع، مثلاً، أن في شوارع مكسيكو سيتي المزدحمة المليئة بالضباب، تتجول أكثر من ألف سيارة أجرة كهربائية وحافلة عامة تحمل علامة "سوي إلكتريكو" Soy Electrico (أنا كهربائية)، وتتكون سيارات الأجرة التي تحمل علامة "فيمو" Vemo من مركبات كهربائية من شركات صناعة السيارات الصينية "بي واي دي" BYD و"أنهوي جيانغهواي أوتوموبايل غروب" Anhui Jianghuai Automobile Group Co، في حين أن الحافلات ومركبات "الترولي باص" المملوكة لمدينة مكسيكو هي من شركتي "يوتونغ" Yutong و"زونغتونغ" Zhongtong الصينيتين.

ومن المتوقع أن تكون المكسيك واحدة من أكبر الفائزين من الإعفاءات الضريبية التي قدمها بايدن والتي تصل إلى 7500 دولار لمشتريات المستهلكين من السيارات الكهربائية المصنعة في أميركا الشمالية. فقد أعلنت شركات "جنرال موتورز" GM و"بي إم دبليو" BMW AG و"فورد موتور" Ford Motor Co و"ستيلانتيس" Stellantis NV و"كيا" Kia Corp وضع خطط لتوسيع إنتاج سياراتها الكهربائية هناك للاستفادة من تلك الامتيازات المثيرة، بينما تخطط "تسلا" Tesla Inc لبناء مصنع ضخم في ولاية نويفو ليون الشمالية.

وبينما تستعد شركات صناعة السيارات الغربية لتصنيع مركبات للسوق الأميركية، قفزت شركات صناعة السيارات الصينية عليها من خلال زيادة مبيعاتها للمكسيكيين.

وكانت المكسيك ثاني أكبر مستورد للسيارات الصينية في الأشهر الخمسة الأولى من العام بعد روسيا والوجهة الأولى العام الماضي. وفي حين أن الجزء الأكبر منها يعمل بالبنزين، فإن السيارات الكهربائية والهجينة تنمو بسرعة.

في هذا السياق، يقول المحلل الرئيسي للمكسيك في مجموعة أوراسيا لاستشارات المخاطر السياسية، ماتياس جوميز لوتود، إن "المنطق الرئيسي وراء الاستثمار الصيني في المكسيك هو التحايل على التعريفات الجمركية والاقتراب من السوق الأميركية. وهناك تقييم مفاده أن العمل جارٍ على تسريع تطوير النظام البيئي الصناعي في المكسيك، وأن الاستثمار الصيني سيكون قادراً على حصد المكاسب".

وفي سبتمبر/أيلول المنصرم، أطلقت "بي واي دي" BYD سيارة كهربائية صغيرة الحجم جديدة باسم "دولفين" Dolphin للسوق المكسيكية، وهي تخطط لفتح مصنع في البلاد، بينما تتمتع شركة "جيه إيه سي" JAC بأعلى مبيعات للسيارات الكهربائية في المكسيك، وتعكف على توسيع مصنعها في هيدالغو وسط البلاد.

المساهمون