التوجيه الأكاديمي في لبنان ودور المدارس في خيارات الطلاب المستقبلية

بقلم المربي الأستاذ كامل عبد الكريم كزبر
تُظهر تجارب الكثير من طلاب الثانوية في لبنان أن جزءًا كبيرًا منهم يصل إلى مرحلة اختيار التخصص الجامعي دون رؤية واضحة لمستقبلهم الدراسي ورغم غياب الإحصاءات الوطنية الدقيقة تشير بعض الدراسات التربوية والتقديرات غير الرسمية إلى أنّ نحو 65% من طلاب المرحلة الثانوية يصلون إلى نهايتها دون تحديد تخصصهم الجامعي. كما تفيد تقديرات أخرى بأن حوالى 40% من طلاب الجامعات في لبنان يغيّرون تخصصاتهم بعد السنة الأولى وهو مؤشر إضافي على غياب التوجيه السليم في المراحل الدراسية المبكرة. وتوضح الدراسات المتاحة أن قرارات الطلاب غالبًا ما تتأثر بالضغوط الاجتماعية والأسرية أكثر من اعتمادها على تحليل موضوعي لميولهم وقدراتهم مما ينعكس لاحقًا على رضاهم عن تخصّصاتهم في ظل غياب منظومة وطنية للتوجيه التربوي والمهني تتابع مسار الطالب من المدرسة إلى الجامعة.
وفي هذا السياق تصبح المدرسة شريكًا أساسيًا في دعم الطالب عبر تعزيز برامج الإرشاد الأكاديمي واستخدام منصّات التوجيه التربوي والاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي القادرة على تحليل الشخصية والميول والتوجهات المهنية ابتداء من تلاميذ صف العاشر والحادي عشر. وعندما تتكامل جهود المدرسة والأسرة في تقديم توجيه مبني على بيانات ومعطيات علمية يصبح الطالب أكثر قدرة على اتخاذ قرار واعٍ يضمن انتقاله إلى الجامعة بثقة واستعداد.
ومن هنا نؤكد أنّ المدرسة هي الركيزة الأولى في مساعدة الطلاب على اكتشاف قدراتهم وبناء خياراتهم المستقبلية إذ يسهم تحسين دورها الإرشادي في تصحيح مساراتهم التعليمية وتمكينهم من مواجهة المرحلة الجامعية بوعي أكبر واستعداد حقيقي.
