حسان حبلي... وداعاً

بقلم محمد الزعتري:
في العام 1980، تعرفتُ إلى القائد حسان حبلي في المدينة الصناعية القديمة؛ كان "معلماً" في مصنع لحفارات الآبار لدى مؤسسة فؤاد الصباغ، وكان معه ثلة من المعلمين، سواء في التصنيع أو الحدادة، منهم: سعد الدين رمضان، وعلي جوني، وعبد الغني جمال (زوج شقيقتي رحمه الله)، وغيرهم.
كان أول عهدي بعالم الخراطة المعدنية عند المعلم عصام الشريف، وقد نشأت بيني وبين حسان صداقة توطدت مع السنين. ومع دخولي عالم التصوير الصحفي ثم التحاقي بالدفاع المدني اللبناني، تعززت هذه الصداقة بزمالة ورفقة في المهمات التي كان يؤديها أفراده العظماء.
وتشرفتُ بأن أشارك في دورات مكثفة مع الدفاع المدني، وكان حسان هو من يتولى تدريبنا، لا سيما حول كيفية استعمال المدفع المائي والإمساك بخرطوم الإطفاء وتوجيهه، مع أن تطوعي أساساً كان لتصوير مهمات الدفاع المدني.. لكن هذا هو حسان المثالي الذي أحبَّ الجميع وأحبوه.
مئات المهمات التي شاركته فيها، ترافقنا سوياً في تلبية نداء الواجب لمواجهة تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، والتصدي للحرائق المفتعلة، وإخماد حرائق مكبات النفايات وصولاً إلى حرائق الأحراج في المنطقة. وفي كل مرة كان حسان، بما يمتلكه من روح النكتة ونخوة "ابن البلد"، يخفف عن زملائه -وكنت واحداً منهم- أعباء المهمات وعناء المشقات والصعوبات خلال تأديتها.
إنسانيته التي طبعت كل سنوات خدمته في الدفاع المدني، والتي اعتبرها واجباً والتزاماً أخلاقياً، رافقته أيضاً حين عمل مسؤولاً لدى "مركز لبيب الطبي"؛ حيث كان يسارع لتأمين وحدات الدم لمريض أو لجريح، فيتصل ويتابع حتى وصول المتبرع.
ورغم أن كل ما اختبره من مخاطر وصعوبات خلال مسيرته في الدفاع المدني لم يستطع أن ينال من عزيمته، إلا أن داء السكري خذله ونال من أحد أطرافه.
اليوم صعدت روح حسان إلى باريها، لكن ذكراه باقية في قلوب كل من عرفوه عن قرب وعايشوه أخاً وصديقاً وزميلاً وإنساناً بكل ما للإنسانية من معنى.
رحمك الله يا صديقي حسان وغفر لك... وملتقانا في الجنة عند رب حليم غفور.