ما الذي يدفع الإنسان للتحرك؟ التفسير السلوكي للدافعية
إعداد: إبراهيم الخطيب -
الخميس 27 تشرين ثاني 2025 - [ عدد المشاهدة: 80 ]
يرى علم النفس السلوكي أن الدافعية ليست حالة غامضة داخلية بقدر ما هي نتيجة تفاعل بين الإنسان والبيئة. أي أن الفرد يتحرك استجابةً لمثيرات خارجية ومكافآت مرئية، ويتراجع عندما تغيب هذه المثيرات أو يضعف أثرها.
في ضوء هذا المنظور، تتشكل الدافعية عبر أربعة محركات رئيسية تؤكدها الأبحاث:
1) التعزيز (Reinforcement)
الدراسات السلوكية تُظهر أن الإنسان يتجه إلى تكرار السلوك الذي يقود إلى نتيجة إيجابية. فعندما يحصد الفرد مكافأة - مادية أو اجتماعية أو شعورية - يزداد احتمال استمرار السلوك.
- التجارب الكلاسيكية لـ سكينر أثبتت أن المكافأة الفورية تُعزّز السلوك بقوة.
- الأبحاث الحديثة في علم الأعصاب السلوكي تبيّن أن إفراز الدوبامين يرتفع مع المكافأة المتوقَّعة، مما يدفع الإنسان للتكرار.
2) توقع النتائج (Expectancy Theory)
تشير أبحاث ڤيكتور فروم إلى أن الدافعية ترتفع عندما يتوقع الفرد أن جهده سيقوده فعلًا إلى نتائج ملموسة. وبقدر ما يشعر الشخص بالقدرة والتحكّم في نتائج سلوكه، ترتفع استجابته السلوكية.
- كلما بدا الطريق بين الجهد والنتيجة واضحًا، ازدادت الدافعية.
3) القيمة المدركة للسلوك (Perceived Value)
ترى النظريات السلوكية الحديثة أن الإنسان ينشط عندما يدرك قيمة السلوك والهدف. القيمة هنا تتنوع: تحقيق ذات، مكانة اجتماعية، تجنّب عقوبة، الحصول على متعة أو رضا.
- عندما تتناسب المكافأة مع قيمة الجهد، يلتزم الفرد بالسلوك مدة أطول.
- القيمة المرتفعة تحفّز مناطق المكافأة في الدماغ أكثر من القيمة المنخفضة، حتى لو كان الجهد متساويًا.
4) المحيط وصياغة السياق (Environmental Structuring)
السلوك يتأثر بشدة بتنظيم البيئة: وضوح الإشارات، توفر الموارد، سهولة الوصول، الدعم الاجتماعي، الروتين.
- البيئة المنظمة تقلل “تكلفة البدء”، فتجعل السلوك أكثر احتمالًا.
- السلوك يتراجع عندما تصبح البيئة معقّدة أو مليئة بالمعوّقات.
كيف تُنتج هذه العوامل الدافعية؟
الدافعية - وفق المنظور السلوكي - تنشأ عندما:
- توجد مكافأة واضحة (تعزيز).
- يرى الفرد ترابطًا منطقيًا بين جهده والنتيجة (توقع).
- يدرك قيمة واقعية لما سيكسبه.
- يجد نفسه في بيئة مشجّعة تزيل العوائق.
كل عامل يقوّي الآخر، ويجعل الإنسان أكثر قابلية للتحرك، الاستمرار، وبذل جهد أكبر.
