القرار تحت الضغط (قصة قصيرة)
إعداد: إبراهيم الخطيب -
الأحد 06 تموز 2025
- [ عدد المشاهدة: 183 ]
كان سامر يجلس في غرفته، والساعة تشير إلى العاشرة مساءً. المسابقة العلمية الكبرى ستُعقد بعد ثلاثة أيام فقط، وكان المشروع الذي يعمل عليه معلقًا على قراره الآن. "هل أشارك؟ هل أستطيع النجاح؟" تملكه التردد والخوف من الفشل. شعر بثقل السؤال يضغط على صدره، كأن كل شيء بين يديه قد ينهار إن أخطأ.
بينما كان يتصفح هاتفه، وقع نظره على إعلان لمنتج يدعي تحسين التركيز، مع وعود براقة وغرائب لا تُصدّق. راحت الأفكار تتصارع في رأسه: "هل أشتريه؟ ربما يساعدني... أو قد يكون مضيعة للمال!"
حينها، تذكر كلمات معلمه في المدرسة، الأستاذ نادر، الذي قال له ذات مرة: "سامر، التفكير النقدي هو مصباحك في الظلام. لا تتسرع في قبول أي شيء قبل أن تضيء به طريقك بنفسك."
ابتسم سامر لنفسه وقال: "حسنًا، لن أترك مشاعري تقودني."
بدأ يتحقق من الإعلان بتركيز. فحص المكونات، بحث عن مصادر موثوقة، قرأ آراء خبراء حقيقيين، ووجد أن المنتج لم يخضع لاختبارات علمية جادة. زادت ثقته بنفسه وهو يدرك أن هذه المعلومات لا تستحق الانقياد خلفها.
في المدرسة، كانت الأمور أكثر تعقيدًا. جلس سامر في الصف، حيث احتدم النقاش بين الطلاب حول موضوع سياسي معقد. بعض الزملاء كانوا يصرخون بآرائهم دون تفكير، وبعضهم يرفض الاستماع.
تقدم سامر، بصوت هادئ لكنه حازم، مخاطبًا صديقه مازن: "هل توقفت لتسأل نفسك ما الأدلة التي تدعم رأيك؟ وهل يمكن أن تكون هناك وجهة نظر أخرى؟"
رد مازن بغضب: "لا، ما أؤمن به هو الحقيقة، لا أحتاج أن أبرر!"
تنهد سامر، لكنه لم يستسلم، قال له بهدوء: "الفهم الحقيقي يبدأ بالاستماع. لنحاول أن نفهم بعضنا أولًا، ثم نناقش."
لاحظ الأستاذ نادر بريق الثقة في عيني سامر، وقال له بعد الحصة: "أحسنت يا سامر، التفكير النقدي ليس فقط عن المعرفة، بل عن الاحترام والتواصل."
لكن التحدي الأكبر كان في البيت. ذات مساء، تعطّل الحاسوب فجأة قبل موعد تسليم مشروعه. بدلاً من الذعر، جلس سامر يحاول أن يهدئ نفسه. تذكر ما تعلمه عن التفكير النقدي: "ما المشكلة؟ متى بدأت؟ هل هناك صوت أو ضوء يدل على العطل؟"
فحص الجهاز بعناية، قرأ دليل الاستخدام، جرب خطوات بسيطة استنتجها من فهمه، وأخيرًا تمكن من إعادة تشغيله. راحة غمرت قلبه، وشعر بفخر كبير.
في آخر يوم قبل المسابقة، جلس سامر مع والدته يتحدثان عن مستقبله. قالت له بقلق: "أنا قلقة، ماذا لو لم تنجح؟"
نظر إليها بحنان وأجاب: "النجاح ليس فقط في الفوز، بل في قدرتي على التفكير والتعلم. مهما كانت النتيجة، أنا فخور بما تعلمته."
وفي يوم المسابقة، وسط ضغوط الوقت والتوتر، استخدم سامر مهاراته في التفكير النقدي لترتيب أفكاره، تقييم خطواته، وتقديم مشروعه بثقة.
وعندما أُعلن عن الفائز، لم يكن فقط فوزه مهمًا، بل تحوله من شاب متردد إلى قائد لنفسه بعقل متفتح وقلب قوي.
إعداد: إبراهيم الخطيب