الإعلام في صيدا: من صوت رقابي إلى وظيفة علاقات عامة
في صيدا، يعمل كثير من الإعلاميين وسط مناخ اقتصادي هشّ، بلا مؤسسات تضمن استقرارهم المهني أو نقابات تحمي كرامتهم. يتحوّل الصحافي إلى عامل موسمي، يعيش من التغطية إلى التغطية، ومن “دعوة” إلى “بيان”، حيث تُختزل الصحافة في دور “الناقل”، لا “السائل”.
في هذا الواقع، تفقد المهنة معناها الأساسي: الرقابة والمساءلة. فيتحوّل بعض الإعلاميين إلى مقرّبين من مراكز النفوذ، أو إلى متعاقدين صامتين مع من يُفترض بهم مساءلتهم. بدلاً من أن يُسائلوا، يُصافحون. وبدل أن يفتحوا الملفات، يلتقطون الصور.
الصحافة في المدينة تُعامَل في كثير من الأحيان كـ “خدمة مناسبات” أكثر مما تُعامَل كمهنة لها أخلاقيات ومعايير. حضورهم في المؤتمرات مضمون، لكن غيابهم عن أوجاع الناس أفدح. يصوّرون الشرائط تُقصّ، لكن لا أحد يصوّر الموازنة التي لا تُصرف، أو القرار الذي لا يُحاسَب صاحبه.
في ظل هذا الواقع، يبقى السؤال معلقًا: من يحمي الصحافة من التحوّل إلى وظيفة علاقات عامة؟ ومن يحرّر الإعلامي من دور “المرافق الإعلامي” إلى موقعه الطبيعي كصوت مستقلّ؟