صيدا… مدينة تجمع الأزمنة وتوسّع أفق المتوسط

بقلم المربي الأستاذ كامل عبد الكريم كزبر
في الشرق الذي تتزاحم فيه مدن التاريخ، تبقى صيدا حاضرة بوجهها المفتوح على البحر، وبروحها التي تحسن تحويل الماضي إلى طاقة مستقبلية. اختيارها عاصمة متوسطية للثقافة والحوار لعام 2027 يأتي امتدادًا لمسار طويل من تراكم الفعل الثقافي والتربوي والاجتماعي؛ مسار صاغ هوية مدينة تمتلك قدرة مميّزة على وصل الشرق بالمتوسط، والذاكرة بالحاضر، والناس بعضهم ببعض.
ومع مرور السنوات، رسّخت صيدا حضورها بوصفها نموذجًا للعيش المشترك وللتفاعل الإنساني المتوازن. فتنوعها الاجتماعي لم يشكّل يومًا عبئًا، بل تحول إلى رصيد روحي وثقافي أتاح للمدينة أن تبني شبكة واسعة من المبادرات، من فعاليات ثقافية نابضة إلى مؤسسات تعليمية واجتماعية أسهمت في تعزيز مكانتها ودورها الوطني.
ويحمل هذا الاستحقاق بعدًا رمزيًا كبيرًا؛ إذ يشكل تقديرًا لكل من نهض بالمدينة: مؤسسات وجمعيات وفاعليات وأفراد عملوا بوعي وإخلاص، وإلى المجالس البلدية التي وضعت أسس رؤية تعزز موقع صيدا الثقافي. فالحدث ليس لقبًا احتفاليًا، بل اعتراف بأن الثقافة تشكّل ركيزة بناء مجتمع متماسك، يثق بأفكاره وبقدرته على صناعة الغد.
اليوم، تتقدم صيدا نحو المتوسط بهوية أكثر وضوحًا: مدينة بحرية تنبض بالحوار، ومساحة رحبة للتنوع، ونموذج حضاري يضيف إلى لبنان بعدًا مشرقًا من الانفتاح والرؤية. ومع اقتراب العام 2027، تستعد المدينة لفتح فصل جديد من الإبداع والتفاعل، حاملة رسالة تقول إن صيدا لا تكتفي بالتاريخ، بل تصنع مكانتها بجدارة، وتقدّم نفسها منارة فاعلة للمتوسط والعالم.
