قراءة في "مذكرة تفاهم بين جامعة بيروت العربية ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة"
في ضوء رؤيةٍ راسخةٍ تُراعي قيم الحكمة والتراكم المعرفي، يمكن قراءة هذه «مذكرة تفاهم بين جامعة بيروت العربية ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة» بوصفها وثيقةً استراتيجية تنبع من قناعةٍ مشتركة بين مؤسستين تربويتين - أكاديمية وتنموية - بأن التعليم هو العمود الفقري لبناء الإنسان والمجتمع، وحصنٌ متين ضد الأزمات والتطرُّف.
أولاً: الأهداف الجوهرية والدوافع
- بناء شراكة مجتمعية مستدامة: تعكس المذكرة إيمانًا راسخًا بأن الجامعة ليست جزيرةً معزولة، بل شريكٌ فاعل في النسيج المدني، يسهم في تحقيق تنمية بشرية متوازنة.
- تعزيز العدالة التربوية: بتأكيد السيدة بهية الحريري على دور الجامعة في إتاحة الفرص لجميع الطلاب، يتجلّى الالتزام بقيمةٍ راسخةٍ أساسية هي الإنصاف في التعليم.
- مواجهة التحديات المستقبلية: الاستثمار في الشباب وتزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة للتعامل مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية.
ثانيًا: عناصر القوة والتميّز
- رؤية مشتركة واضحة تقوم على قيم العطاء والعدل والمحبة وثقافة الحوار، ما يرسّخ أسس الشراكة البنّاءة.
- تنوع مجالات التعاون (التنمية المستدامة، المناخ، الاقتصاد الدائري، نظم المعلومات الجغرافية)، مما يعكس انفتاحًا منهجيًّا على التخصصات العلمية التطبيقية الحديثة دون التخلّي عن الأبعاد الإنسانية الراسخة.
- التزام مؤسسي على أعلى المستويات: مشاركة رؤساء المجالس التنفيذية والأكاديمية تضمن استمرارية وديمومة تنفيذ بنود الاتفاقية.
ثالثًا: التحديات المحتملة
- الظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة في لبنان قد تعيق توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ المشاريع.
- مخاطر التداخل المؤسسي في حال عدم تحديد أدوار ومسؤوليات واضحة بين الجامعة والمؤسسة، مما قد يؤدي إلى ازدواجية في الجهود أو تضاربها.
- الحاجة إلى آليات متابعة وتقييم دقيقة لرصد تقدم المشاريع وقياس أثرها على مستوى الطلاب والمجتمع.
رابعًا: توصيات لتعزيز فاعلية الشراكة
- صياغة خارطة طريق تنفيذية مفصلة تتضمن جداول زمنية، مؤشرات أداء واضحة، وآليات تمويل شفافة.
- إنشاء لجنة مشتركة دائمة لمتابعة التقدم وتذليل العقبات، تضم ممثلين من القطاعين الأكاديمي والمدني.
- تبني آليات تقييم دورية تتضمن استطلاعات رضا الطلاب وأصحاب المصلحة وتقارير مرحلية علنية لتعزيز المساءلة وبث روح الثقة في المجتمع.
تعكس هذه المذكرة نموذجًا راسخًا في تقدير المعرفة والتعليم كقيمةٍ عليا، ورؤيةً استراتيجية شاملة لبناء شراكة مجتمعية فعّالة. إذا التزمت الأطراف بتنفيذ بنود الاتفاقية بدقة ومنهجية، فإنها ستسهم في ترسيخ دور الجامعة كمركز إشعاع علمي وإنساني، وتحقيق أثر ملموس في التنمية البشرية المستدامة في لبنان والمنطقة.
النص الأصلي:
مذكرة تفاهم بين جامعة بيروت العربية ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة
1. مقدمة الاتفاقية وأهدافها
وقَّعت جامعة بيروت العربية، ممثلةً برئيسها الأستاذ الدكتور وائل نبيل عبد السلام، اتفاقية تعاون لمدة ثلاث سنوات مع مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة، ممثلةً بالسيدة بهية الحريري، وذلك بهدف بناء علاقة تفاعلية تتسم بالانفتاح والتعاون البنّاء، وترتكز على إيمان مشترك بأهمية إعداد جيل قوي قادر على مواجهة المستقبل، يغرس قيم العطاء والعدل والمحبة، وثقافة الحوار والانفتاح، وروح التعلم والإبداع الهادف، ليكون له دور ريادي في بناء الوطن والمجتمع.
2. حضور مراسم التوقيع
حضر مراسم التوقيع كلٌّ من: رئيس مجلس أمناء وقف البر والإحسان ورئيس مجلس أمناء الجامعة الدكتور عمار حوري، والأمين العام للجامعة الدكتور عمر حوري، وعميد الشؤون الأكاديمية والعلاقات الدولية البروفيسور صبحي أبو شاهين، والمديرة التنفيذية لمؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة الدكتورة روبينا أبو زينب، ومستشار المؤسسة لشؤون التعليم المهني والتقني الدكتور أدهم قبرصلي.
3. كلمة السيدة بهية الحريري: تقدير دور الجامعة
أشارت السيدة بهية الحريري إلى أن جامعة بيروت العربية كانت عزيزة على قلب رفيق الحريري، إذ أدرك أهمية ما قدمته الجامعة في إرساء العدالة التربوية من خلال إتاحة الفرصة للطلاب ذوي الصعوبات للالتحاق بالتعليم العالي، مؤكدةً امتنان المؤسسة لدور الجامعة في هذا المجال.
4. رؤى الحريري حول التعليم ودوره في بناء الجيل
وأضافت الحريري: “همّنا كمؤسسة هو بناء جيل جديد بعيد عن التطرف وحمل السلاح، إيماناً برؤية رفيق الحريري بأن الدولة قرار مجتمعي وشراكة بين متكافئين. الجامعة رمز للعدالة، ونشعر بالأمان فيها كما لو كانت بيتنا؛ فقد ظلّت متماسكة ومنفتحة رغم الأزمات التي مرت بها.”
وشدّدت على أن التعليم هو الخلاص من الأزمات، وأن التغيير لا يتحقق إلا عبر التعليم، مؤكدة أن هذه الاتفاقية تهدف إلى تنظيم الجهود لتمكين أكبر عدد ممكن من الطلاب من الانضمام إلى جامعة بيروت العربية، وتعزيز التعاون في كل ما يخدم مصلحة التعليم.
5. كلمة رئيس الجامعة: العلاقة اللبنانية‑المصرية وأهمية العلم
قال رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور وائل نبيل عبد السلام: “جامعة بيروت العربية هي درة التاج في العلاقة بين مصر ولبنان، وهي المؤسسة التعليمية الوحيدة التي تظل بعيدة عن السياسة والخلافات. هدفنا هو تطوير التعليم ليتماشى مع متطلبات سوق العمل، رغم التحديات الراهنة في لبنان؛ فالعلم يبقى السلاح الوحيد.”
6. الشراكة وتلبية احتياجات سوق العمل
أضاف عبد السلام: “ستستمر الجامعة في دعم المؤسسات التي تشاركها رؤيتها، فالشراكة تعزز مكانتنا وتلبي احتياجات سوق العمل المتغيرة، من خلال إطلاق اختصاصات جديدة تتوافق مع التطورات التكنولوجية.”
7. محاور ومضمون الاتفاقية
ختاماً، نصت الاتفاقية على تعزيز تبادل المعرفة والخبرات الفنية، والدعم التقني في مجالات البحث والتطوير العلمي والعملي المتعلقة بالتنمية المستدامة والعمل المناخي والاقتصاد الدائري، وإنشاء إطار عمل مشترك للبرامج التدريبية والبحوث التطبيقية البيئية والحضرية ونظم المعلومات الجغرافية، إلى جانب دعم البحث العلمي والتطبيقي عبر المشاريع والأطروحات الجامعية.