صيدا سيتي

الصيداوي حمادة... "الأعتق" في تصليح محرّكات المراكب

صيداويات (أخبار صيدا والجوار) - الإثنين 20 شباط 2023
X
الإرسال لصديق:
إسم المُرسِل:

بريد المُرسَل إليه:


reload

منذ أكثر من ستة عقود من الزمن، يحافظ المعلّم محمد البخاري «أبو وليد» والملقّب بـ»حمادة» على مهنة تصليح محرّكات مراكب الصيادين التي ترسو في ميناء صيدا وتعمل على المازوت حصراً. ينتظر رزقه كما البحّارة الذين يلقون شباكهم وسط البحر ليعودوا بغلّة وفيرة من الأسماك سعياً وراء قوت اليوم في ظلّ الأزمة المعيشية الخانقة. في محلّ صغير لا يتجاوز الأمتار المعدودة، بمحاذاة مقرّ نقابة صيّادي الأسماك على الواجهة البحرية، يجلس البخاري (74 عاماً) على كرسيّ بلاستيك ينتظر تصليح عطل طرأ على محرّك مركب، وقد ورث المهنة عن المعلم فاروق المصري، الذي عمل معه في المكان ذاته وتوفّي قبل ثلاثة عقود من الزمن، ليبقى الوحيد المختصّ في هذا «الكار». يقول البخاري لـ»نداء الوطن»: «لقد بدأت العمل في هذه المهنة النادرة وفي هذا المحلّ مع المعلّم المصري وكنت في سنّ الـ14، تعملّت منه كلّ تفاصيلها وأسرارها وحفظتها عن ظهر قلب، إلى أن توفّي قبل ثلاثين عاماً».
ويضيف «لقد مضى عليَّ 60 عاماً وأصبحت أشهر من نار على علم بين الصيّادين، إذ يقصدني الصيّاد للكشف على عطل طرأ على محرّك مركبه، فأتوجّه إليه وأعاينه وأقوم بتصليحه في مكانه، وإذا كان العطل كبيراً في المحرّك أنقله الى المحل وأُعيد الحياة والحركة إليه».
في صيدا التي ترتبط بعلاقة عشق مع البحر، لا تكتمل مهنة صيد الأسماك إلّا مع مستلزماتها الثلاثة، أوّلها صناعة المراكب نفسها، وثانيها بيع لوازم الصيد البحري على اختلافها، وثالثها بيع وتصليح المحرّكات وهي نوعان: على المازوت وهي الأكثرية، وعلى البنزين وهي الأقلّية، ومعها يشتهر كلّ معلّم في هذه المهن التي تعتبر نادرة وقد ارتبطت بأسماء عائلات بعينها من دون غيرها وتحوّلت مع الزمن ماركة مسجّلة لها، ومثالها: مصطفى ابراهيم البيطار لبيع أدوات الصيد، آل العقاد وسنبل وعطية لصناعة المراكب، والبخاري لتصليح محرّكاتها.
وبحرقة لا تخلو من حسرة، يؤكّد البخاري وقد ارتسمت على وجهه تجاعيد شقاء الزمن وملل الانتظار «تراجعت المهنة وباتت ميتة نتيجة الغلاء وارتفاع الأسعار والدولار، فهي تدور في حلقة متكاملة، الصيّادون ينوؤون تحت الأعباء ويكسحون في مناطق قريبة من الزيرة أو حتى الرميلة، ونادراً ما تتعطّل محرّكاتهم، وفي فصل الشتاء يدخلون في سبات طويل بسبب العواصف والأنواء، بينما في الصيف يكون العمل أفضل للطرفين». ورغم ذلك، يعتبر البخاري «أنّ المهنة تتلاشى تدريجياً، ولكنّها لا تندثر طالما بقي هناك صيّاد وهاوٍ للبحر، فالأزمة الإقتصادية والمعيشية والغلاء ليست أسباب تراجعها فقط، وإنّما رغبة الصيّادين بتركيب محرّكات تعمل على البنزين لأنّ باعتقادهم أعطالها أقلّ وأكثر قوة من غيرها، وهذا مفهوم خاطئ».
وتعاني محرّكات الصيّادين من أعطال بين الحين والآخر بسبب ارتفاع أمواج البحر والأنواء، ممزوجة بالرذاذ والأملاح البحرية، وتتراوح بين «سكمان» و»قشور» و»كرنك» و»جوان كولاس» وسواها، بينما ما زالت أدوات التصليح تقليدية وعلى حالها منذ قرون لم تدخل إليها الحداثة والتكنولوجيا.
ولكن آمال البخاري لا تبدو كبيرة في هذه الأوقات العصيبة، كلّ ما يطلبه رزق يسدّ الرمق، ويقول «نكون محظوظين إذا جاء اليَّ صاحب مولّد من غير الصيّادين وقد تعطّل، طالباً تصليحه، تكون اليومية محرزة رغم أنّ الأسعار مقبولة ولا تتعدّى عشرات الدولارات فقط، ارتباطاً بأنّ كل شيء بات بالعملة الخضراء مع انعدام قيمة العملة الوطنية للأسف».
المصدر | محمد دهشة - نداء الوطن
الرابط | https://tinyurl.com/mr2caft6


 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير و برمجة:: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 980773461
لموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه. موقع صيداويات © 2024 جميع الحقوق محفوظة