صيدا سيتي

المستشفى التركي في صيدا.. مغلق بأمر الساسة والشعب يدفع الثمن

X
الإرسال لصديق:
إسم المُرسِل:

بريد المُرسَل إليه:


reload

كارثةٌ جديدة حلّت بلبنان الواقع في جملة أزماتٍ غير مسبوقة على الأصعدة كافّة.

فبينما يتخبّط هذا البلد الغارق في الانهيار الاقتصاديّ حدّ عجز سياسييه عن تأمين أبسط متطلّبات الحياة للشعب اللبناني، وقع، أمس الأحد، انفجارٌ ضخمٌ في شاحنة وقود بمنطقة التليل في محافظة عكار شمالي لبنان، أدّى إلى سقوط عشرات الضحايا ما بين قتيلٍ وجريح.

ولأن الإصابات الناتجة عن الانفجار هي في مجملها على شكل حروقٍ من الدرجات الأولى والثانية والثالثة، برزت على الساحة اللبنانية مطالباتٌ شعبية بضرورة افتتاح وتشغيل المستشفى التركي لمعالجة الحروق في صيدا، والذي بنته تركيا قبل نحو 10 أعوام، حيث أنه الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط.

أمل المطالبون بافتتاح المستشفى أن ينعكس ذلك إيجاباً على التعامل مع الحاجة المُلحّة للمراكز المتخصصة بمعالجة الحروق.

وبحسب تصريح تلفزيوني أدلى به الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة، فإنه “لا يوجد في لبنان مستشفيات متخصصة بمعالجة الحروق.. كل المتوفّر هو قسم متخصّص بالحروق في مستشفى الجعيتاوي في بيروت وآخر في مستشفى السلام في طرابلس”.

فيما أكد خبير التفجيرات والحرائق محمد الأيوبي لـ”وكالة أنباء تركيا” أنه “يوجد قسم متخصّص بالحروق في مستشفى الملّا في طرابلس، ولكنه غير موضوع في الخدمة أيضاً”، مناشدا بـ”ضرورة تشغيل المستشفى التركي بأسرع وقت”.

وأمام هول كارثة عكار والعدد الهائل للضحايا، غصّت هذه المستشفيات بالمصابين لدرجة فاقت قدراتها، ما دفع إداراتها إلى توجيه نداءٍ عاجل ناشدت من خلاله وزير الصحة حمد حسن لدعمها بالمستلزمات الطبية والمادية

وفي هذا الإطار، دعا الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللبنانية، اللواء محمد خير، إلى تسريع افتتاح المستشفى التركي في صيدا، بهدف علاج ضحايا انفجار عكار.

وفي تصريحٍ أدلى به لوسائل إعلام محلية، أمس الأحد، دعا خير إلى “افتتاح المستشفى التركي في مدينة صيدا المتخصّص في علاج ضحايا الحروق بأسرع وقت ممكن، لمعالجة مصابين انفجار عكار”.

من جانبه، شدّد السفير التركي في لبنان علي باريش أولصوي في تصريحات صحفية أن “المستشفى التركي للحروق في صيدا كان من المفترض أن يكون جاهزاً، وقد تمّ التواصل مع الأجهزة المعنية بشأن هذا الموضوع”.

وأضاف أولصوي أنه “كان يجب أن يكون افتتاحه قبل هذه الأوضاع، وما حصل أثبت أننا بحاجة لهذا المستشفى وسنستمر بالتواصل مع الأجهزة المعنية لإعادة افتتاحها بوقت قريب”.

كلام أولصوي في معرض حديثه للصحفيين في مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة اللبنانية بيروت، مساء الأحد، حيث أعلن استعداد تركيا لتقديم كل المساعدات الممكنة لإغاثة المصابين، بما في ذلك إرسال الأدوية والمواد الطبية وتوفير عملية نقل مصابين من لبنان وتأمين علاجهم في أنقرة على متن طائرة إغاثة تركية، وهو ما بدأ تنفيذه بالفعل.

وفي حديث لـ”وكالة أنباء تركيا”، قال رئيس بلدية صيدا السابق الدكتور عبد الرحمن البزري أن بلديته “سّلمت مشروع المستشفى للبلدية التي خلفتها برئاسة الأستاذ محمد السعودي وتمنّت عليه أن يتابع بالنهج نفسه والإسراع بافتتاح المستشفى للقيام بدوره الصحي والوطني في معالجة الحروق ومعالجة الصدمات”.

وأضاف أن “البلدية الحالية سقطت تحت ضغط القوى السياسية آنذاك في الندوة البرلمانية، التي جربت أن تستغل المستشفى في أمور سياسية، ورغم توالي عدد كبير من وزراء الصحة المقرّبين من نواب المدينة إلا أنهم لم يستطيعوا إنجاز أي إيجابية”.

وتابع أنه “عام 2020 تم الاتفاق مع وزير الصحة الحالي حمد حسن على ضرورة تفعيل هذا المرفق الهام ضمن 3 شروط هي:

1- أن يكون مرفقاً عاماً حكومياً لكل المواطنين، وليس خاصاً للطبقة الميسورة.

2- أن يعمل في إطار اختصاصه فقط وهو معالجة الحروق والحوادث والصدمات.

3- أن يتم تشكيل مجلس إدارة جديد وأن يلحظ مصالح مدينة صيدا وأبنتئها وجوارها من خلال الأخذ بعين الاعتبار الكفاءات التي يجب أن تُعيّن في مختلف أقسام المستشفى”.

وأردف البزري أنه “تم توقيع هذا الاتفاق وفُضّ النزاع بين بلدية صيدا وبين وزارة الصحة، وسلمّت البلدية الأرض لوزارة الصحة التي بدأت أعمال البدء بالأشغال ورصدت مبلغ ماليّ معيّن لذلك، لكن تتابعت الأحداث في لبنان من الثورة إلى الأزمة الاقتصادية مروراً بتفجير مرفأ بيروت، ما دعا أصدقاءنا الأتراك إلى القدوم مرة ثانية إلى لبنان، وفوجئوا بغياب دور المستشفى التركي الذي كانت الحكومة التركية مشكورةً قدمت كل التسهيلات له وهيأته وجهّزته على أتمّ وجه”.

وتابع أنه “بعد الكشف على المستشفى اكتشفوا أن الكثير من الأجهزة والمعّدات أصبحت غير صالحة أو بحاجة لتأهيل، وتم إعادة تأهيل المستشفى أيضاً على نفقة الحكومة التركية وسلّمت الأعمال مؤخراً إلى وزارة الصحة التي عينت مجلس إدارة جديد ورصدت مبلغاً من المال ولكن هناك بعض الأمور الإدارية العالقة تحديدًا داخل رئاسة الوزارة ورئاسة الجمهورية”.

وأضاف أنه “مع الحدث الأمني الفظيع والمؤلم الذي حصل في عكار، تحركت وزارة الصحة من جديد وتمّت تسوية الأمور السياسية العالقة وتقرر منح سلفة مالية للمستشفى من أجل البحث في كيفية إعادة تشغيله”.

ولفت إلى أن “هناك 20 ممرضة متخصصة بمعالجة الحروق والصدمات تمّ تدريبهنّ في تركيا، سيتم توظيفهنّ فيه، إضافةً إلى 60 عامل صحّي آخر سوف تساعد منظمة الصحة العالمية في دفع رواتبهم للحفاظ عليهم نتيجة للانهيار المالي والاقتصادي الموجود في لبنان”.

وتوقّع البزري أن “تبدأ الخطوات الجدّية الآن لإعادة تشغيل المستشفى، ولكن مع كل الجهود والسرعة المرجوّة والمطلوبة، لأن المستشفى التركي الآن بحاجة للمزيد من الجهود سواء على مستوى الحكومة اللبنانية أو على مستوى المنظمات الدولية، إضافةً إلى استمرار المساعدة المشكورة دائماً من الأصدقاء الأتراك”.

وأعرب البزري عن اعتقاده أنه “خلال أسابيع أو أشهر قليلة يمكن إعادة فتح هذا المستشفى للعب دوره الصحّي الوطني الكبير الذي نحن بأمسّ الحاجة إليه وهو معالجة مرضى إصابات الحروق وإصابات الحوادث، وهو المستشفى متخصص وسيكون مميزاً والأول من نوعه في البلاد”.

وفي إجابةٍ على سؤال عن الأسباب التي تعرقل تشغيل المستشفى، قال رئيس مركز الرازي الطبّي يوسف المسلماني، في تصريح لـ”وكالة أنباء تركيا” إن “الحقيقة هي أن المشكلة سياسية بامتياز، والمحاصصة هي سيدة الموقف”.

وأضاف المسلماني “كنا نتمنى لو كان المستشفى موضوعاً في الخدمة، لخفّف الكثير من ألم أهلنا في عكار، ولكن سوء الإدارة والارتهان للزعامات السياسية هي التي حالت دون تشغيله”.

وأوضح أن “الخلاف هو على التوظيف أولاً، ونسبة الموظفين لصيدا كون البعض الآخر من خارج صيدا يريد حصة الأسد”.

ولدى سؤاله إن كان المستشفى مجهّزاً أم باتت أجهزته قديمة، أكد المسلماني أن “لا مشكلة في ذلك لأن الجانب التركي أبدى رغبته منذ أكثر من تسعة أشهر واستعداده لتقديم الصيانة اللازمة، ولكنّ سوء الإدارة المرتبطة بالزعامات حالت دون التشغيل”.

وعبّر المسلماني عن تمنياته بـ”تشغيل المستشفى في أسرع وقت للمساهمة في معالجة مصابي انفجار عكار”، لكنه شكّك في ذلك لأن “المحاصصة أهم عندهم (أي المسؤولين) من وجع الناس”.

وأردف “هناك قوى سياسة تعمل جاهدة لتشغيله كالجماعة الإسلامية والدكتور عبد الرحمن البزري رئيس بلدية صيدا السابق، والذي تمّ الاتفاق بين بلديّته والأتراك على بناء المستشفى، ولكن إلى أي مدى يمكنهم أن يحرزوا تقدّماً في هذا الأمر، لا أعرف”.

وكان النائب اللبناني عن صيدا أسامة سعد قد دعا سلطات بلاده لـ”الإسراع في تشغيل المستشفى التركي”، مطالبا وزارة الصحة اللبنانية بـ”تأمين الأموال الكافية لتشغيل المستشفى من دون أي تأخير أو تأجيل إضافي، وتحمّل كامل المسؤولية بما يضمن مباشرة العمل في المستشفى في القريب العاجل”.

وأكد سعد في تصريحات صحفية على “الحاجة الماسّة لخدمات هذا المستشفى، في ظل الضغط الشديد على المستشفيات الحكومية والخاصة، بعد الانتشار الواسع لوباء كورونا”.

وقال “بعد التأخير المتمادي في تشغيل المستشفى لسنوات عديدة، ومن دون أي مبرّر، بات أي تأخير إضافي، لا سيّما في الأوضاع الصحية الحالية، جريمة لا تغتفر”.

وكان السفير التركي السابق في لبنان هاكان تشاكل قد تعهّد خلال جولةٍ تفقدية للمستشفى في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020، بإرسال جميع الإمدادات الطبية والاحتياجات المادية للمستشفى في أقرب وقت.

ولاحقاً في 24 أيار/مايو 2021، تفقد سفير تركيا الجديد لدى بيروت علي باريش أولصوي، المستشفى في صيدا، وأعرب عن تمنّياته أن تستطيع الدولة اللبنانية في المرحلة المقبلة تأمين كل ما يلزم من الدعم المالي للمستشفى لما يشكله من أهمية لمدينة صيدا والجنوب ككل.

وبرز الاهتمام التركي على أعلى المستويات بتشغيل هذا المستشفى حيث أمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شخصياً بتشغيله.

وخلال زيارةٍ قام بها إلى بيروت في 13 آب/أغسطس 2020، قال رئيس مجلس الصحة في الرئاسة التركية سركان طوبال أوغلو، إنّ “الرئيس أردوغان مستاء من بقاء المستشفى الذي تأسس عام 2010 مغلقاً حتى الآن بعد التفجير الذي هزّ بيروت، وأمر بالإسراع في افتتاحه”.

وكانت تركيا قد تبرّعت ببناء مستشفى للحروق في مدينة صيدا جنوبي لبنان، في أعقاب الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز/يوليو 2006، وقد تم انتهت أعمال البناء عام 2010، لكنه مازال مقفلا حتى اليوم لأسباب متعلقة بالجانب اللبناني.

وخلال العام الجاري قامت تركيا بتحديثه وصيانته أملاً في وضعه في الخدمة بهدف إغاثة مصابي انفجار مرفأ بيروت، لكنّ أبوابه بقيت مقفلة لأسباب بيروقراطية وخلافات على المحاصصة بين عدد من الأفرقاء اللبنانيين.

وجاء التجهيز لافتتاح المستشفى التركي بصيدا، ضمن حزمة مساعداتٍ قدّمتها تركيا إلى لبنان، عقب انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة 214 شخصاً وأكثر من 7 آلاف جريح، وخلّف دماراً هائلاً قدّرت خسائره بمليارات الدولارات.

المصدر | ياقوت دندشي - وكالة انباء تركيا | https://tr.agency/news-139123

 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير و برمجة:: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 980842198
لموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه. موقع صيداويات © 2024 جميع الحقوق محفوظة