صيدا ودورها في زمن التوترات
بقلم وليد العاصي:
في ضوء ما شهدته المدينة مؤخرًا من توتّرٍ سياسي وإعلامي بين التنظيم الشعبي الناصري والثنائي الشيعي، وما رافقه من بيانات وتصريحات وردود متبادلة، تبرز الحاجة إلى التذكير بأن صيدا لا تحتمل هذا النوع من الانقسام ولا يجوز أن تُزَجّ في مواجهاتٍ وفي تسويات قلقة لا تخدم سوى تعميق الشروخ وتفتيت المجتمع.
ما تحتاجه صيدا اليوم هو ألا تتحوّل إلى ساحة صدامات ذات طابعٍ طائفي أو مناطقي، لأن مثل هذا المسار لا ينتج إلا قلقًا مستدامًا يهدّد استقرارها ودورها الوطني. لأن دورها أكبر من ذلك.
صيدا نقطة التلاقي بين الشوف وجزين ومغدوشة والزهراني، وامتدادها الطبيعي على طول الساحل حتى صور. صيدا مطالبة بأن تكون منطلقًا لتأسيس شرعية جامعة للبلد كله، لا ساحة تنافس وتصادم حسابات صغيرة.
بهذه الروح، يمكن لصيدا أن تقدم إسهامًا جديًا في مواجهة التحديات الكبرى التي تهدّد لبنان والمنطقة بأسرها، من المشروع الصهيوني إلى محاولات إعادة ترتيب الإقليم بما يشمل سوريا ولبنان. هذا هو المقياس الفعلي لما يحصل، أما خناقات وتسويات النواحي فهي من مقياس لا جدوى منه في المواجهة الفعلية.
صيدا مدعوّة اليوم إلى أن تكون نموذجًا في الوعي والمسؤولية الوطنية، ومكانًا للحوار لا للاحتقان. ما تحتاجه المدينة ليس تضييق النقاش السياسي داخل حسابات آنية أو زوايا محدودة، بل التجرؤ على بلورة رؤية وطنية شاملة تعطي لصيدا دورا تاريخيا في صنع القرار وحشد الموارد.
صيدا، بموقعها وتاريخها ووعي ناسها، هي ومحيطها، قادرة أن تُعيد المعنى إلى الوطنية، وتؤكد أن قوتها الحقيقية تكمن في وحدتها واستقلال قرارها لا في الاصطفاف داخل محاور ورهانات تنقلب ارتهانات.