ما أهم الملفات الاقتصادية التي تنتظر رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد؟

المدير الحالي لصندوق الاستثمار الفلسطيني، محمد مصطفى
المدير الحالي لصندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى (الصحافة الفلسطينية)

يتولى رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمد مصطفى منصبه ليجد ملفات اقتصادية شائكة يرثها عن سلفه رجل الاقتصاد ورئيس الوزراء الحالي محمد اشتية، من أبرزها إعادة إعمار قطاع غزة بعد حرب إسرائيل التي لم تنته بعد.

والأسبوع الماضي، صدر قرار رئاسي بتعيين مصطفى، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، لتشكيل حكومة جديدة برئاسته، خلفا للحكومة المستقيلة، والتي تسير الأعمال حاليا، بانتظار الإعلان عن الحكومة الجديدة.

ويتحدث الجميع، في رام الله، عن الملفات التي تنتظر رئيس الحكومة الجديد، أبرزها اقتصادية، تبدأ من إعادة إعمار غزة، ولا تنتهي بتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية في القطاع العام.

إعادة إعمار غزة

وبينما تواصل آلة الحرب الإسرائيلية عدوانها على قطاع غزة للشهر السادس على التوالي، فإن نحو 60% من المرافق السكنية في القطاع لم تعد صالحة للاستخدام البشري.

كذلك، تعرض اقتصاد القطاع، والذي تبلغ قيمة ناتجه المحلي قرابة 5 مليارات دولار، لتدهور حاد بسبب الحرب القائمة، التي تسببت بأكثر من 31 ألف شهيد، و80 ألف جريح، وأكثر من مليوني نازح.

وكان رئيس الوزراء المكلف محمد مصطفى، شارك في أعمال منتدى دافوس في يناير/كانون الثاني الماضي، وخلال جلسة له، قدّر كلفة إعادة إعمار غزة المرافق السكنية بنحو 15 مليار دولار على الأقل.

والأسبوع الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن كلفة إعادة إعمار (سكنية، تجارية، بنية تحتية)، بناء على دراسة أعدتها مؤسسات مصرية، ستتجاوز 90 مليار دولار.

واليوم، لا تملك الحكومة الفلسطينية مليار دولار واحد من مبلغ إعادة الإعمار المتوقع، وسط أزمة مالية متصاعدة تعاني منها السلطة الفلسطينية منذ عام 2017.

وإلى جانب إعادة الإعمار، فإن الحكومة المقبلة ستكون على موعد مع استعادة زخم اقتصاد الضفة الغربية الذي يبلغ ناتجه المحلي 16 مليار دولار.

وتراجع الاقتصاد الفلسطينية بحدة في فترة الربع الأخير 2023، بنسبة تتجاوز 20%، وسط انخفاض الإيرادات المالية المجباة محليا.

تدمير منزل ياسر عرفات في غزة
غالبية مباني قطاع غزة دمرها الاحتلال ولم يستثن منزل ياسر عرفات (الجزيرة)

فاتورة الأجور

ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، يتسلم الموظفون العموميون في فلسطين (147 ألف موظف مدني وعسكري)، أجورا منقوصة، بسبب عدم قدرة الحكومة على تحقيق إيرادات مالية تكفي كامل فاتورة الأجور.

وتبلغ فاتورة أجور الموظفين العموميين، نحو 160 مليون دولار شهريا، يضاف لها 120 مليون دولار أخرى شهريا، تمثل أجور المتقاعدين، وأشباه الرواتب (مخصصات الأسرى وذوي الشهداء والجرحى ومخصصات أخرى).

وبجمع الرقمين تكون الحكومة مطالبة شهريا بـ280 مليون دولار، من دون احتساب النفقات التشغيلية وسداد أقساط القروض المستحقة وفوائدها ومستحقات للقطاع الخاص، ليكون مجمل الإنفاق الشهري 400 مليون دولار.

في المقابل، يبلغ مجمل الدخل الفلسطيني، باحتساب أموال المقاصة، قرابة 380 مليون دولار، مما دفع الحكومة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021 إلى صرف 80% من الراتب الشهري.

ولحل أزمة فاتورة الأجور، ستكون الحكومة أمام حلول قاسية، منها فتح باب التقاعد المبكر الإلزامي أو الاختياري، أو البحث عن إيرادات غير تقليدية.

أزمة المقاصة

وتعاني الحكومة الفلسطينية، اليوم وللشهر السادس على التوالي من أزمة مقاصة مع إسرائيل، بدأت منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، وقرار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، اقتطاع حصة غزة من أموال المقاصة.

تبلغ حصة غزة من هذه الأموال قرابة 75 مليون دولار من إجمالي المقاصة البالغة 220 مليون دولار شهريا.

وتجمع إسرائيل الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية مقابل واردات الفلسطينيين على السلع المستوردة، وتسميها "أموال المقاصة"، بمتوسط شهري 220 مليون دولار.

وتعتمد السلطة الفلسطينية على أموال المقاصة من أجل دفع رواتب موظفيها، ومن دونها لن تكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه فاتورة الأجور، وتجاه نفقات المؤسسات الحكومية.

وإلى جانب المبلغ المقتطع المخصص لغزة، تقتطع إسرائيل ما تقول إنها ديون شهرية على الفلسطينيين لصالح شركات مياه وكهرباء ومستشفيات وغرامات، وأقساط قرض حصلت عليه الحكومة الفلسطينية من إسرائيل، ومقابل ما تقدمه الحكومة الفلسطينية للجرحى والأسرى من مخصصات، بمجموع كلي 60 مليون دولار.

بذلك، يكون إجمالي الاقتطاع من أموال المقاصة، قرابة 135 مليون دولار شهريا على الأقل.

ثقة المانحين

منذ عام 2017، بدأت المنح الخارجية الموجهة للجانب الفلسطيني، لمتوسط سنوي يبلغ 1.1 مليار دولار تتراجع على نحو حاد، بقيادة الولايات المتحدة، والدول العربية.

واليوم يبلغ متوسط الدعم الخارجي لفلسطين قرابة 350 مليون دولار سنويا، 80% من قيمة هذا الدعم قادم من الاتحاد الأوروبي، والنسبة المتبقية من البنك الدولي، ومانحين منفردين.

كان المانحون يتهمون السلطة الفلسطينية بعدم الشفافية، مما دفع جزءا منهم لخفض المنح، وآخرين أوقفوها، في حين أوقفت الولايات المتحدة المنح بناء على قرار من الكونغرس عام 2017، عندما كان الرئيس دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.

أما المانحون العرب، فلم يوضحوا صراحة سبب تعليق المنح والمساعدات الموجهة للحكومة الفلسطينية، مما أوقع الأخيرة في أزمة مالية متصاعدة.

المصدر : وكالة الأناضول