بايدن التقى قادة في الجالية المسلمة في البيت الأبيض خلال عيد الفطر الماضي
بايدن التقى قادة في الجالية المسلمة في البيت الأبيض خلال عيد الفطر الماضي

يعبر ناشطون في الجالية العربية والمسلمة في الولايات المتحدة عن غضبهم حيال موقف إدارة الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، من الحرب الدائرة بين إسرائيل وغزة.

وقال ناشطان ومسؤول في الحزب الديمقراطي لموقع "الحرة" إنهم يشعرون بـ"خيبة الأمل" إزاء عدم تحرك الإدارة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة في أعقاب الغارات الإسرائيلية المكثفة التي أودت بحياة نحو 8700 شخص حتى الآن، بعد هجوم حماس على إسرائيل الذي أسفر عن مقتل 1400 شخص في 7 أكتوبر الماضي.

وقال محمد الحمداني، رئيس الحزب الديمقراطي في مقاطعة مونتغومري بولاية أوهايو: "أشعر بخيبة الأمل بسبب الأحداث الجارية حاليا في غزة، وإزاء رد الإدارة والخطاب السياسي الحالي للبيت الأبيض".

وفي تصريحاته لموقع "الحرة"، قال ديفيد وورن، رئيس مؤسسة "عرب أميركا": "لم نر شيئا بهذا السوء من قبل" في إشارة إلى عدم تحرك الإدارة لإنهاء الحرب.

وأثار تعليق بايدن بأنه "ليس لديه ثقة" في عدد القتلى المدنيين الذي قدمه الفلسطينيون حفيظة بعض قادة المجتمع المحلي، ووصفت جماعات مدافعة عن العرب والمسلمين هذه التصريحات بأنها خطيرة وهددوا بمقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وحتى البعض من داخل الحزب نفسه، مثل الحمداني، ذي الأصول العراقية الذي انتخب العام الماضي لقيادة الحزب الديمقراطي في مقاطعة مونتغومري.

ويخشى الحمداني أن يؤدي رد الإدارة إلى "تنفير عدة أشخاص من الجالية الإسلامية والعربية بالولايات المتحدة، الذين كانوا مفتاحا لفوز بايدن في ولايات مثل ميشيغان في عام 2020".

ويقول الناشط العربي في مدينة دايتون بولاية أوهايو، يوسف الزين، إنه لا ينسى تصريح بايدن بأنه "صهيوني".

ويشير إلى أن الحرب الدائرة في غزة هي الرابعة خلال وجود بايدن في الإدارة سواء عندما كان نائبا للرئيس أو رئيسا، وخلال تلك الفترة "لم يفعل شيئا لمساندة غزة".

ويرى وورن، الذي يميل إلى الديمقراطيين إيديولوجيا، إن بايدن حاول تصحيح خطاباته لاحقا لكنها لا تزال "لا تصل إلى الحد الأدنى الذي يرضي الجالية العربية".

ويشير الزين، وهو من أصول لبنانية، إلى أن بايدن "وعد قبل الانتخابات بأنه سيكون عادلا مع الفلسطينيين ويحترم حقوقهم الإنسانية، لكن لم يتغير شيء".

ويؤكد الحمداني أنه "لا يشكك في حق إسرائيل في الوجود أو الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب الذي تمارسه حماس. ولا أحد منا يدافع عن تصرفات حماس الشريرة وغير الأخلاقية والبغيضة، والتي لا تمثل القيم الإسلامية بأي حال من الأحوال"، لكنه يشعر بالقلق من الخسائر الكبيرة في الأرواح وعدم وصول المساعدات بشكل كاف وعدم دعوة الإدارة لوقف إطلاق النار، و"احتضان إدارة بايدن حكومة نتانياهو اليمينية المتطرفة والمعادية للديمقراطية والمتشددة".

ومع تصاعد مشاعر الغضب في أوساط الجالية العربية والمسلمة في الولايات المتحدة والشكاوى من زيادة حوادث الكراهية، عقدت إدارة الرئيس الأميركي اجتماعات مع قادة عرب ومسلمين، وفق رويترز وصحيفة وول ستريت جورنال وواشنطن بوست.

اجتماع البيت الأبيض

وقال مسؤول في البيت الأبيض إن بايدن استضاف اجتماعا في البيت الأبيض مع عدد من قادة المجتمع المسلمين. وتشير رويترز إلى أنه رغم إعلانه تأييد إسرائيل، عين بايدن عددا من الأميركيين العرب والمسلمين في مناصب سياسية أكثر من سلفه، دونالد ترامب.

وأوضحت واشنطن بوست أن ناشطين مسلمين دعوا المشاركين في اجتماع بالبيت الأبيض إلى ربط الحضور بأن يقر بايدن بعدد القتلى الفلسطينيين، لكن الاجتماع عقد في نهاية المطاف دون هذا الشرط.

وفي اجتماع آخر حضره نحو 70 شخصا، وفق الصحيفة، وضم مسؤولين من جميع قطاعات الحكومة الأميركية، بما في ذلك وكالات الاستخبارات، ووزارة الخارجية، ووزارة الأمن الداخلي، ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية، تحدث مشاركون، وبعضهم كان يبكي، عن أفراد أسرهم المعرضين للخطر في الشرق الأوسط، وعن شعورهم بالعزلة والخوف.

وقال أحد المطلعين على الاجتماع: "إنهم يشعرون وكأنهم يخضعون للرقابة، ويشعرون بأنهم غير موثوق بهم". وكان رد المسؤولين كما لخصه أحد الحاضرين: "نحن نسمعكم. نحن معكم".

ومنذ بدء الحرب، تحدثت عدة تقارير عن حوادث معاداة للسامية وأخرى مرتبطة بالإسلاموفوبيا، وتهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي ومعلومات مغلوطة عن الصراع. وعلى سبيل المثال، أكدت شركة "ميتا" المالكة لفيسبوك وإنستغرام أنها "في الأيام الثلاثة التالية للهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، أزالت أو أضافت علامة تميز المحتوى المقلق على أكثر من 795 ألف منشور باللغتين العربية والعبرية".

وتحدث "المركز العربي - واشنطن دي سي" عن زيادة المحتوى المعادي للسامية الذي ينشر نظريات المؤامرة ويبرر العنف ضد الشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم، وكذلك الدعوات لقتل الفلسطينيين.

وهزت حادثة مقتل الطفل الأميركي من أصول فلسطينية، وديع الفيومي، في شيكاغو، المجتمع الأميركي، وهي جريمة ربطتها الشرطة بالحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس.

هل يتغير الموقف؟

وفي إجابته على سؤال لواشنطن بوست بشأن تغير نهج بايدن، أشار  شخص حضر اجتماع البيت الأبيض إلى المؤتمر الصحفي الذي عقد في 20 أكتوبر، والذي كرر فيه الرئيس دعم الولايات المتحدة لحق تقرير المصير للفلسطينيين، وقال بايدن حينها: “لا يمكننا أن نتجاهل إنسانية الفلسطينيين الأبرياء الذين يريدون فقط العيش في سلام والحصول على فرص".

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، روبين باترسون، إن الإدارة "تواصل الاستماع مباشرة إلى أفراد من الجاليات الأميركية المسلمة والعرب الأميركيين والفلسطينيين". وأضاف "سنواصل المشاركة في المحادثات مع هذه المجتمعات المهمة وسنكون واضحين في إدانة الكراهية والتمييز ضدهم".

ويرى الزين، في تصريحاته لموقع "الحرة"، أنه لا يتوقع أن يتراجع بايدن عن موقفه، بينما قال وورن إن العديد من"العرب الأميركيين من جميع القوميات، وليس الفلسطينيين فقط، عبروا له عبر مؤسسته عن خيبة أملهم من تصريحات الرئيس".

وقال: "الجو العام الآن ملتهب جدا، والمجتمع غاضب، والأبرياء يموتون كل يوم في غزة، ولا وقف لإطلاق النار، وليس هناك محاولة للتوسط في حل المشكلة".

ويرى وورن أن الإدارة بحاجة إلى "اتباع نهج أكثر عدلا في هذه الأزمة، فالطريقة الحالية هي فقط أحادية الجانب، وهو لم يتحدث بطريقة متوازنة، الكثير من العرب الأميركيين فقدوا ثقتهم به".

الانتخابات المقبلة

ويشرح روبرت باتيلو، المحلل الاستراتيجي للحزب الديمقراطي ومحامي الحقوق المدنية في تصريحات لموقع "الحرة" الموقف الانتخابي لبعض الديمقراطيين في ضوء الوضع الحالي.

ويقول باتيلو: "بالتأكيد حدث ضرر وبايدن ترشح للانتخابات من منطلق تحقيق حل الدولتين ومعالجة القضية الفلسطينية بطريقة أكثر توازنا مما رأيناه من الإدارات السابقة".

ويضيف: "لم يكن نتانياهو صديقا للرئيس بايدن. ولم يكن صديقا للرئيس أوباما من قبله، لكن بسبب هجمات 7 أكتوبر اتخذ الرئيس بايدن موقفا قويا جدا داعما لإسرائيل مع إدراكه للأزمة الإنسانية الجارية حاليا في غزة".

ويوضح أنه "لم يفعل ما يكفي لتخفيف الأضرار التي لحقت بالسكان المدنيين، كما أنه لم يفعل ما يكفي لمحاسبة نتانياهو على توسيع أعماله العدائية، وهو ما جعل العديد من الأميركيين المسلمين والعرب يشعرون بالخيانة من بايدن والحزب الديمقراطي لعدم تحميل إسرائيل المسؤولية عن قصف مخيمات اللاجئين، والمستشفيات والنازحين".

ويقول المحلل: "سيتعين على الرئيس بايدن أن يفعل المزيد لتصحيح الأمور أمام المجتمع المسلم... وهذا الأمر سيحتاج إلى وقت لكن عليه أن يبدأ بوقف إطلاق النار".

ويرى وورن أن ما سيحدث في المستقبل "يعتمد على تصرفات الرئيس، وهو ما قد يغير مواقف العرب الأميركيين. لكن في الوقت الحالي، لا أعتقد سيغير مواقفه".

ويقول الزين: "خسر بايدن صوتي".

لكن الحمداني يأمل في أن يدعو قادة الحزب الديمقراطي على المستوى الوطني وإدارة بايدن إلى وقف فوري لإطلاق النار وزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وأن تجدد الإدارة التزامها بحل الدولتين.

ويشعر بالتفاؤل إزاء أن يحدث هذا في الوقت المناسب، قبل انتخابات عام 2024، مؤكدا تصميم الديمقراطيين على هزيمة ترامب مرة أخرى".

وتقول مايا بيري، الناشطة في مجال الحقوق المدنية والمديرة التنفيذية للمعهد العربي الأميركي لواشنطن بوست، إن تصريحات بايدن لن تنسى من قبل الناخبين العرب الأميركيين، والأميركيين الفلسطينيين، وبعض الناخبين الشباب، وسيكون لها انعكاسات  على انتخابات 2024.

وكانت وكالة رويترز قد أفادت بإطلاق منظمة إسلامية حملة لحجب التبرعات والأصوات لصالح إعادة انتخاب بايدن عام 2024 ما لم يتخذ خطوات فورية لوقف إطلاق النار في غزة.

ودعا "المجلس الوطني الديمقراطي الإسلامي"، الذي يضم قادة في الحزب الديمقراطي في الولايات المتأرجحة، مثل ميشيغان وأوهايو وبنسلفانيا، بايدن إلى استخدام نفوذه لدى إسرائيل للتوسط في وقف إطلاق النار".

وقال جيلاني حسين، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) في مينيسوتا، إنه ليس أمامه خيار سوى التصويت ضد بايدن في عام 2024 ما لم يدعو إلى وقف الحرب.

وقال حسين إن حوالي 70 في المئة من الأميركيين المسلمين دعموا بايدن في عام 2020.

وعلى الرغم من مواقف الإدارة الأميركية، ثمة انقسام داخل الحزب الديمقراطي إزاء القضية، فالجناح اليساري في الحزب يرفض سياسات الإدارة الحالية، ويرى أنها انحازت بشكل تام إلى الحكومة الإسرائيلية المتحالفة مع اليمين، وفق صحيفة وول ستريت جورنال.

وقال وليد شهيد، وهو خبير استراتيجي: "إذا كنت أميركيا عربيا، أو أميركيا مسلما، أو فلسطينيا، فإنك تشعر وكأنك غير مهم، وتشعر بأنك غير مرئي".

ونشرت النائبة الديمقراطية من أصول فلسطينية، رشيدة طليب، مقطع فيديو مدته 90 ثانية على "أكس" تدين فيه دعم بايدن لما أسمته "حملة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في فلسطين"، وأضافت النائبة عن ولاية مينيسوتا: "لا تعتمد على تصويتنا في 2024".

وأضاف شهيد أن الرئيس الذي يواجه صعوبات بالفعل لاستمالة الناخبين الشباب والأقليات "سيفقدهم تماما".

وأشار استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب مؤخرا إلى أن بايدن خسر 7 نقاط مئوية من الدعم بين الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما.

وفي استطلاع أجرته صحيفة وول ستريت جورنال/إبسوس في الفترة من 18 إلى 20 أكتوبر، قال 48 في المئة من الديمقراطيين إن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية دعم إسرائيل في الصراع، مقابل 53 في المئة من المستقلين و64 في المئة من الجمهوريين.

ويقول وورن إن أصوات العرب يمكن أن تكون حاسمة بالنسبة لبايدن في محاولة إعادة انتخابه لولاية ثانية، مشيرا إلى أن بايدن فاز بأصوات ميشيغان الانتخابية الـ16 في 2020، وهي ولاية تضم العديد من العرب الأميركيين، وخاصة الفلسطينيين، بهامش ضيق هو 2.6 في المئة.

وأوضح أن الأمر ذاته حدث في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، في سباق 2016، وحينها تمكن المرشح الديمقراطي، بيرني ساندرز، من الفوز بميشيغان بفضل أصوات هذه الجالية.

وتابع: "يمكن للمجتمع العربي الأميركي أن يحدث فرقا في ميشغان وأوهايو، وأماكن أخرى"، ويتوقع تأثر الحزب الديمقراطي بموقف هذه الجالية "إذا كانت نتائج الانتخابات متقاربة" أي المنافسة كبيرة بين المرشحين.

ويضيف "إذا اجتمع الفلسطينيون والأميركيون العرب والأشخاص المهتمون بحقوق الإنسان وأعلنوا أنهم يطالبون بتغييرات في السياسة، فسنرى تغييرا في تصرفات الإدارة".

لكن الزين يشكك في قدرة المجتمع العربي على التوحد والتحدث بصوت واحد.

ويرى أنه لا يبنغي مقاطعة الانتخابات المقبلة، بل المشاركة والتصويت لمرشح آخر. ويقول إن البعض قرروا بالفعل التصويت لترامب لو ترشح، وآخرين قرروا التصويت للمستقلين. ويقول إنه ستنظم انتخابات في أوهايو، يوم 7 نوفمبر، وقد قرر عديدون من الجالية العربية والمسلمة مقاطعتها "لكن سيكون ذلك أكبر خطأ لأن صوتنا هو الطريقة الوحيدة التي تجبر السياسيين على تغيير مواقفهم".

ترامب يؤكد أن محاكمته "سياسية"
ترامب يؤكد أن محاكمته "سياسية"

رغم أن الإدانة الجنائية في نيويورك للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب تظهر أنه "لا أحد فوق القانون" في الولايات المتحدة، إلا أنها قد تعمق الأزمة في الداخل الأميركي، وفق ما ذكره تحليل لمجلة فورين بوليسي.

وذكرت المجلة أن المحاكمة "التاريخية" التي يخضع لها ترامب تكشف نظرة منقسمة في الولايات المتحدة تجاه مجموعة "الحقائق"، فيما يراقب "بذهول مروع"، بينما "تنقلب القوى العظمى الوحيدة على نفسها".

وشبه التحليل ما قد يحدث بـ"حرب غير أهلية"، فيما يصف ترامب المحاكمة بـ"غير العادلة" و"الزائفة"، بعدما دانته هيئة المحلفين في المحكمة بـ34 تهمة في قضية تزوير سجلات محاسبية للتغطية على تسديد مبلغ قدره 130 ألف دولار لإسكات ممثلة الافلام الإباحية ستورمي دانييلز التي أقام معها علاقة جنسية، قبل انتخابات العام 2016.

واعتبرت الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي، جو بايدن، أن هذا الحكم دليل على أن "لا أحد فوق القانون"، فيما حاول ترامب تسخير الإدانة في صالحه، فكتب "إنني سجين سياسي".

ما بين "الارتياح" و"الانتقام"

محاكمة تاريخية يخضع لها ترامب

بعد إدانة ترامب شعر الديمقراطيون بحالة من "الارتياح"، فيما تعهد الجمهوريون بـ"الانتقام"، ليؤكد المؤرخ في جامعة كولومبيا، تيموثي نفتالي، في منشور عبر منصة إكس أن الولايات المتحدة دخلت في "منطقة سياسية وقانونية جديدة كأمة".

وشن الرئيس السابق ترامب، الجمعة، هجوما عنيفا من برجه في مانهاتن على خصومه الديمقراطيين، فيما تجمع عدد ضئيل من أنصاره أمام برجه تأييدا له، وكان بعض المارة يوجهون إشارات "بذيئة" ضده لدى مرورهم أمام مدخل المبنى، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وقال بايدن، الذي سيواجه الرئيس السابق في انتخابات الخامس من نوفمبر، إن ترامب حصل على فرصة للدفاع عن نفسه في نفس النظام القضائي الذي ينطبق على جميع الأميركيين.

وأضاف بايدن (81 عاما) في البيت الأبيض "من التهور والخطر وانعدام المسؤولية أن يقول أي شخص إن هذا الحكم تم تزويره لمجرد أنه لا يعجبه الحكم".

استطلاعات الرأي

تقارب في استطلاعات الرأي بين ترامب وبايدن

تظهر استطلاعات الرأي أن السباق متقارب بين المرشحين، وعلى الرغم من كشف المحاكمة عن تفاصيل تتعلق بالجنس والمال والفضائح، إلا أنها لم تؤثر حتى الآن على استطلاعات الرأي، اذ بقيت نتائج ترامب وبايدن متقاربة، مع تقدم طفيف حتى للمرشح الجمهوري في بعض الولايات الرئيسية بحسب فرانس برس.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز وإبسوس نشرت نتائجه، الجمعة، أن 10 في المئة من الناخبين الجمهوريين المسجلين يستبعدون التصويت لترامب بعد إدانته.

وجاء في الاستطلاع أن 56 في المئة من الناخبين الجمهوريين المسجلين قالوا إن القضية لن تؤثر على أصواتهم، بينما قال 35 في المئة إنهم سيدعمون على الأرجح ترامب، الذي صرح بأن التهم الموجهة إليه "ذات دوافع سياسية"، وقال إنه سيستأنف الحكم.

وقال 25 في المئة من الناخبين المستقلين إن إدانة ترامب جعلتهم يستبعدون التصويت لصالحه في نوفمبر، بينما قال 18 في المئة إنهم سيصوتون له على الأرجح.

وفي استطلاع أجرته مؤسسة غالوب البحثية مطلع العام، يقول أقل من ثلث الأميركيين المستجيبين للاستطلاع إنهم على استعداد للتصويت لمرشح يزيد عمره عن 80 عاما، أو متهم أو مدان بارتكاب جناية.

وتشير النتائج إلى أن ما يقرب من نصف الأميركيين قد يواجهون صعوبة في اختيار مرشحهم الرئاسي، إذ يمتلك المرشحان الأكثر حظا، ترامب وبايدن، خصائص قد يرفضها بعض الأميركيين، مثل انتخاب مرشح متهم بارتكاب جناية، أو شخص عمره يزيد عن 81 عاما.

وأكد استطلاع للرأي أجراه معهد ماريست أن الإدانة لن يكون لها تأثير يذكر على ثلثي الذين شملهم الاستطلاع. 

ولفت استطلاع آخر أجرته "يوغوف" لصالح "ياهو! نيوز" إلى اهتمام الأميركيين بهذه المحاكمة على نحو متفاوت. وأكد 31 في المئة ممن شملهم الاستطلاع أنهم شعروا بالملل أثناء متابعتها بينما اعتبر 26 في المئة فقط أنها مثيرة للاهتمام.

واعتبر نصف من شملهم الاستطلاع فقط أن تزوير حسابات لإخفاء مدفوعات يعد جريمة كبرى.

تأثير المحاكمة على الانتخابات

لن تمنع الإدانة وحتى السجن ترامب من مواصلة سعيه للوصول للبيت الأبيض

وغطت وسائل الإعلام الأميركية المحاكمة على نطاق واسع ما أثار تعليقات كثيرة من الجانبين الجمهوري والديمقراطي، لكن يرى محللون ومعاهد استطلاع، أن تأثير الإدانة على غالبية الناخبين قد يكون محدودا. 

ورأى كيث غادي أستاذ العلوم السياسة في جامعة "تي سي يو" في تكساس، أن هذا الحكم "لن يؤدي على الأرجح إلى تحريك العديد من الأصوات"، لكنه قد يؤدي إلى "قلب" النتائج المتقاربة، وفق ما أفاد به وكالة فرانس برس.

وقال الباحث في مجال العلوم السياسية نيكولاس هيغينز من جامعة نورث غرينفيل لفرانس برس "نحن في نظام سياسي يسوده الاستقطاب إلى حد كبير، يركز الناخبون على من يرفضونه، ويصوتون ضد المرشح الذي لا يحظى بحبهم، وليس لصالح مرشح يدعمونه".

وأضاف "بما أن الاتهامات كانت معروفة على نطاق واسع، وقدمها فريق الرئيس السابق على أنها في إطار محاكمة سياسية، فإن القليل من الناخبين سيعتبرون أنهم مخطئون" بعد صدور هذا الحكم.

وستصدر المحكمة حكمها في 11 يوليو، أي قبل أيام من انطلاق المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي والذي من المتوقع أن يشهد الإعلان رسميا عن ترشيح ترامب لخوض الانتخابات القادمة.

وأقصى عقوبة قد يواجهها ترامب للجريمة التي أدين بها وهي تزوير وثائق لإخفاء مبالغ مالية هي السجن لأربع سنوات، إلا أنه عادة ما تصدر أحكام بفترات أقصر للمدانين في مثل هذه الجريمة أو أنهم يواجهون غرامات أو يتم وضعهم تحت المراقبة.

ودعا بعض مؤيدي ترامب في منشورات على الإنترنت إلى ثورة وأعمال شغب ورد عنيف.

قائمة التهم الـ 34 التي أدين بها ترامب في قضية نجمة الأفلام الإباحية
أصبح دونالد ترامب أول رئيس أميركي سابق يدان بجرائم جنائية بعد أن أدانته هيئة محلفين في نيويورك بجميع التهم الـ 34 والمتعلقة بمخطط للتأثير بشكل غير قانوني على انتخابات عام 2016 من خلال دفع أموال لشراء صمت ممثلة إباحية قالت إن الاثنين مارسا الجنس معا.

وأكد الأستاذ في كلية ألباني للحقوق راي بريشيا أن تأثير هذه المحاكمة يمكن أن يتعزز من خلال حقيقة أنها قد تكون الوحيدة  التي يصدر حكمها قبل الانتخابات، من بين دعاوى قضائية مختلفة تستهدف المرشح الجمهوري.

وقال لوكالة فرانس برس: "من الصعب تحديد عدد الناخبين الذين سيبتعدون عن ترامب، ولكن حتى التغيير البسيط يمكن أن تكون له عواقب وخيمة".

واستشهد تحليل فورين بوليسي بمقال للكاتبة في صحيفة وول ستريت جورنال، بيغي نونان، التي قالت إن "الشيء الجديد" في الولايات المتحدة هو أننا "بدأنا نستمتع بالكراهية" حيث "كانت البلاد منقسمة منذ فترة طويلة، لكن القطيعة أصبحت أكثر جاذبية في عصر بايدن وترامب"، ونقلت عما قاله الكاتب الساخر، بيل ماهر، أن أجزاء كبيرة من الولايات المتحدة أصبحت "مناطق محظورة" للمؤيدين من كلا الحزبين، في إشارة إلى الانقسام والاستقطاب الذي تعيشه البلاد.

وتوقع رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، وهو حليف مقرب لترامب، أن تلغي المحكمة العليا الأميركية الحكم في نهاية المطاف.

وقال لشبكة فوكس نيوز: "أعتقد أنهم سيضعون هذا الأمر في نصابه الصحيح، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت".

ولن تمنع عقوبة السجن ترامب من الاستمرار في حملته الانتخابية، أو تولي المنصب إذا فاز.

وقالت حملة ترامب إنها جمعت 35 مليون دولار من صغار المانحين بعد الحكم، وهو ما يقرب من ضعف الرقم القياسي اليومي السابق. وقال العديد من المانحين الجمهوريين الرئيسيين إنهم سيواصلون التبرع لحملة ترامب على الرغم من الإدانة.

حماية "الدستور" الأميركي

ترامب- بايدن

ورغم المفارقات فيما يحصل أن كلا الجانبين السياسيين "يستشهدان بالدستور الأميركي" حيث يرغبان بحمايته بشدة، فالديمقراطيين يريدون محاسبة ترامب بموجب الدستور، وبالنسبة للجمهوريين يتعلق الأمر بوقف "التسليح غير الدستوري للحكومة الفيدرالية، المكتظة بالديمقراطيين والتقدميين"، بحسب التحليل.

ويلقي التحليل الضوء على مساعي ترامب وأنصار لـ"القضاء على الاستقلال التقليدي لوزارة العدل"، ونشر "نظرية التنفيذي الأوحد" المثيرة للجدل في الدستور والتي بموجبها تمنح المادة الثانية للرئيس السلطة الكاملة على السلطة التنفيذية.

ويتخوف البعض مما أسموه بـ"جدول الأعمال الانتقامي"، إذا عاد ترامب للبيت الأبيض، ويقول المؤرخ نفتالي في منشوره عبر إكس "إذا فاز ترامب سيكون لديه تفويض أكثر خطورة مما كان عليه في 2017".

وتأخذ الإجراءات القضائية زخما في الانتخابات المقبلة، ففي الوقت الذي يحاكم فيه ترامب، تجرى محاكمة في ولاية ديلاوير لنجل بايدن، هانتر، ومن المتوقع أن يستغل الجمهوريون هذه المحاكمة لإعادة إحياء مزاعم بأن بايدن ساعد بشكل غير قانوني في أعمال نجله الخارجية.

ولا يزال ترامب يواجه ثلاث محاكمات جنائية أخرى، اثنتان بسبب جهوده لإلغاء هزيمته في انتخابات عام 2020، لكن الحكم في القضية الجارية قد يكون الوحيد الذي يصدر قبل الانتخابات.

ودفع ترامب ببراءته في جميع القضايا الأربع، التي يقول إن لها دوافع سياسية.

وإذا نجح ترامب في الانتخابات، فبمقدوره إغلاق القضيتين الفيدراليتين بحقه واللتين تتهمانه بمحاولة إلغاء خسارته في انتخابات عام 2020 بشكل غير قانوني وسوء التعامل مع وثائق سرية بعد ترك منصبه في عام 2021. لكن لن تكون لديه السلطة لوقف قضية منفصلة بتهمة تخريب الانتخابات في جورجيا.

وتخوف التحليل من تأثير ما يحدث في المشهد الأميركي على المدى الطويل، إذ سيكون لوجهات النظر المختلفة بشكل صارخ لن يؤدي إلا إلى "زيادة الشكوك بين حلفاء الأمة، وطمأنة أعدائها".

وفي الخارج، أظهر بعض القادة دعمهم لترامب، مثل نائب رئيسة الوزراء الإيطالية اليميني المتطرف ماتيو سالفيني الذي ندد بـ "مضايقات قضائية" و"محاكمة سياسية".

من جهته اعتبر الكرملين، الجمعة، أن إدانة الرئيس الأميركي السابق غير المسبوقة بتهمة تزوير سجلات تجارية تظهر أن البيت الأبيض "يقصي خصومه السياسيين".

ورد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، على تصريحات المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، خلال مؤتمر صحفي على هامش اجتماع لحلف شمال الأطلسي في براغ، قائلا: "أود أن أقول إن هذه حالة كلاسيكية من الإسقاط"، ويعني بذلك أن تلجأ جهة إلى اتهام الآخرين بفعل ما تقوم به هي نفسها.