صيدا سيتي

قواعد كليات الأساليب القرآنية عند المفسرين علماء يُولّدون إعصارا كمّيا أشد فتكا من الأعاصير الطبيعية بمراحل العثور على أكبر قطعة ذهب في إنجلترا شالاميه يؤدي دور أسطورة الروك بوب ديلان في فيلم عن سيرته الذاتية مسلسل "لحظة غضب".. بداية مبشرة وحبكة جيدة أفسدتها المبالغات منظمة الصحة: طفل من كل ستة يتعرض للمضايقة عبر الإنترنت طائرات تتعرض لتشويش غامض في شمال شرق أوروبا مدن أوروبية تحظر منتجات المستوطنات الإسرائيلية.. بروكسل آخرها تجنبهم الانخراط بسوق العمل.. مسودة قانون لتجنيد الحريديم يثير الجدل بإسرائيل كيف تخططين لدعوات إفطار مميزة واقتصادية في رمضان؟ منسق المستقبل في الجنوب جال على المفتين سوسان وعسيران والحبال لمناسبة شهر رمضان المبارك بلدية صيدا باشرت بتنفيذ المرحلة الثانية من حملة تزفيت الحفر الكبيرة الشهاب في ذكرى صديقه الشاب الراحل (جان وديع عودة)! أعمال صيانة وتشجير من تقاطع إيليا وحتى دوارالقناية بلدية صيدا: تفعيل المرحلة الأولى لغرفة عمليات إدارة الأزمات والكوارث "جمعية جامع البحر الخيرية" أقامت سحورها الخيري لدعم ورعاية مسنّي "مستشفى دار السلام" البزري يُدين الجريمة النكراء التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في الهبارية طلائع الفجر تستنكر مجزرة الهبارية المروعة خليل المتبولي: نمثّل أنفسنا على خشبة المسرح فوج الإنقاذ الشعبي في مؤسسة معروف سعد يدين استهداف العدو للمراكز الطبية والمسعفين

هكذا يتأقلم اللبناني مع غلاء البنزين: إنتهى زمن "التفويل"

صيداويات (أخبار صيدا والجوار) - الثلاثاء 21 آذار 2023
X
الإرسال لصديق:
إسم المُرسِل:

بريد المُرسَل إليه:


reload

يُفاخر اللبنانيون بالإجمال بقدرتهم على التأقلم مع كلّ الظروف المحيطة بهم، يعتبرون ذلك مصدر ثبات نفسي بمواجهة الإحباطات، مع أنّهم محاطون بكلّ الظروف التي تغرقهم بها. وعليه، عندما يعيش البعض السيّئ، يحمد ربّه أنه لم يبلغ الأسوأ، ويتابع يومياته بهدوء فيحاول أن ينتزع من الخسارات الكبيرة إنتصارات فردية. حتى لو حوّل ذلك كل مواطن إلى حالة فردية في مجتمعه، يستحيل تطورها إلى حالة تغييرية في المشهدية العامة للأزمة المشتركة.

والأمثلة حول قدرة اللبناني هذه على التأقلم كثيرة، وخصوصاً في ظلّ تردّي الأحوال المعيشية. فتفوّق سعر الدولار مثلاً على أعلى فئة من العملة اللبنانية، لم يربك الناس كما فعل في بداية إرتفاعه إلى حدّ العشرة آلاف ليرة، فهم تأقلموا على سعر غير مستقرّ للدولار منذ بداية الأزمة في سنة 2019. غير أنّ اللافت تأقلم اللبناني سريعاً أيضاً مع تداعيات الإرتفاع حتى في سعر دولار صيرفة، على رغم الزيادات الجنونية التي سيفرضها على مستحقّات شهرية، كفاتورة الكهرباء والإتصالات.

ومع أن أوّل شرارة للتحرّك الشعبي إنطلقت على أثر زيادة بضعة سنتات على إستخدام تطبيق «واتساب»، لا يبدو أنّ الملايين التي سينفقها اللبنانيون على فاتورة الهاتف أو الكهرباء ستلقى إعتراضات مشابهة، وذلك طبعاً لأنّ اللبناني تأقلم. إستمرار حبس الودائع في المصارف وجد له الأفراد ألف طريقة وطريقة ليحرّروا ولو جزءاً منها، فتأقلم الكثيرون مع هذا الواقع أيضاً. فمن لم يتاجر بالشيكات المصرفية وجد الفرصة في منصّة صيرفة، أو بحث عن تسويات لتقليص خساراته المصرفية، فحقّق إنتصارات فردية، تتنوّع أيضاً في محاولات الكثيرين تأمين الدواء المفقود أو الحليب المحتكر على مسؤوليتهم... لنصل الى إنقطاع الخبز، وتأقلم اللبناني مع فكرة التزاحم مع أبناء بلده وضيوفه على أبواب المخابز. وهذه ليست سوى ترجمة لتأقلم اللبناني أيضاً مع طوابير الذلّ، والتي إنطلقت من باحات محطات الوقود، قبل أن يتأقلم اللبنانيون مع فكرة تبدّل سعره مرّتين يومياً.

والواقع أنّ مسار تأقلم اللبناني مع الأوجه المتنوّعة لأزمة صفيحة البنزين تستحقّ بذاتها التمعّن في هذا السلوك الفردي للبناني، بدءاً من مرحلة رفع خراطيم المحطّات إلى مرحلتي رفع الدعم جزئياً وكلياً عن الصفيحة، وصولاً إلى يومنا هذا. فصفيحة البنزين التي تخطّى سعرها حالياً المليوني ليرة، هي الشغل الشاغل لكلّ اللبنانيين، وهي العنصر الأوّل المعطّل للكثير من مرافق الحياة أيضاً، كما أنّها محور المفاوضات والمساومات التي تخاض على أكثر من صعيد، لتحسّن من ظروف تأقلم اللبناني مع إرتفاع كلفة الإنتقال.

فالأساتذة الرسميون مثلاً ربطوا عودتهم إلى المدرسة بتأمين 5 ليترات بنزين يومياً، وتبعهم أساتذة المدارس الخاصة بالطلب نفسه. وموظّفو القطاع العام يرفضون العودة إلى العمل قبل تأمين بدلات الإنتقال العادلة. ومعظم الموظّفين في القطاع العام أو الخاص ما عادوا يتحدّثون بأساس الراتب، بل يفاوضون على ربح كم ليتر من البنزين فوق الراتب. فيما بات سائر المجتمع اللبناني يميل لعدم إستخدام السيارة سوى لقضاء الحاجات. إذ يلفت كهربائي سيارات مثلاً إلى ظاهرة تضرّر البطاريات بشكل كبير أخيراً بسبب عدم إدارة محرّكات السيّارات. وهذا وجه آخر من أوجه التأقلم.

إلى العمل فقط

الواقع أنّ مجاهرة الكثيرين بأنّهم ما عادوا يستخدمون سياراتهم سوى للذهاب الى العمل، ليست سوى جزئية من مسار التأقلم الذي بدأه الكثيرون مع الإرتفاع اليومي لسعر صفيحة البنزين. وتظهر جولة ميدانية على بعض محطات الوقود إنخفاضاً بنسبة المبيع تتراوح بين 30 الى 50 بالمئة كما يؤكّد أصحابها. إلا أنّ هذا الإنخفاض لا ينعكس تراجعاً بعدد السيارات التي تتوقّف في المحطات كما يقول بعضهم، وإنما في الكمّيات التي تُملأ بها الخزّانات. حيث لم يعد أحد يسمع كلمة «عبيلي تنكة أو فوّل لي» مثلاً، بل صارت العبارة المستخدمة «بمليون». واللافت أنه حتّى مع تضاعف سعر صفيحة البنزين أخيراً بموازاة تخطّي سعر الدولار المئة ألف ليرة، لا يزال سقف الإنفاق الذي يحدّده الكثيرون عند كلّ زيارة لمحطة البنزين هو مليون ليرة فقط، حتى لو إضطرّته تنقلاته للتردّد على المحطة أكثر من مرّة أسبوعياً. وهذا ما يتفوّق فيه اللبناني على قدرة التأقلم، لينتقل الى مرحلة خداع النفس.

وهذا المسار التأقلمي المستجدّ مع صفيحة البنزين سبقه طبعاً التأقلم مع طوابير الإنتظار على أبواب المحطات يوم إنقطعت المادة من السوق، حين تخلّى الكثيرون عن عاداتهم بالإستيقاظ متأخّرين. فشهدنا ظاهرة نوم المواطنين في سياراتهم بباحات المحطات. حينها أيضاً لجأ البعض إلى أساليب ربح فردية، فمنهم من اختار ربح الوقت من خلال شراء البنزين بأغلى من سعره من تجّار الغالونات الذين كانوا ينتظرون في المحطّات بدلاً عنهم، ومنهم من ربح المال منتظراً لساعات في طوابير طويلة بهدف تخزين الغالونات في المنازل، حيث يتحدّث الكثيرون عن كمّيات من البنزين المدعوم لا تزال مخزّنة حتى اليوم حتى لو فقدت مواصفات جودتها.

إذاً، هو سلوك يتناسب مع السعر التصاعدي لصفيحة البنزين تدرّج منذ تضاعف سعرها عشرات المرّات منذ رفع الدعم جزئياً، ومن ثم كلّياً. وقد مرّ بمراحل من إستمرار التهافت على محطات الوقود كلما لاحت بوادر شدّ حبال بين أصحاب المحطات ووزارة الطاقة على تسعيرة التنكة، إلى أن خضعت الوزارة لمطلب إصدار جدول المحروقات مرّتين يومياً، فصار البنزين متوفّراً بإستمرار في المحطّات. ولكن هنا أيضاً يحاول البعض أن يتأقلم مع تبدّل السعر مرّتين في النهار، بحيث يلاحظ في بعض المحطات تفاوت في تهافت السيارات قبل صدور التسعيرة الثانية إذا كان مسار الدولار تصاعدياً، بمقابل تأجيل هذا التهافت الى ما بعد صدور الجدول الثاني إذا كان سعر الدولار إلى إنخفاض.

إذاً، في ظلّ أزمة تمسّ التوازن المالي لكلّ فرد في المجتمع، لم يولد أداء جماعي ضاغط لإيجاد بدائل مشتركة، بل سادت الفردية حتى في تأمين وسائل النقل الأقلّ كلفة على اللبنانيين، وأبرزها الـ»توك توك» الذي غزا مجتمعات واسعة من مدن الاطراف خصوصاً، في ظلّ بقاء الحديث عن النقل العام المشترك كلاماً بكلام. وهذا ما يثبّت أيضاً تأقلم اللبناني مع غياب دولته، ودورها الراعي لمشاريع تدعم المجتمعات وتحصّنها، وخصوصاً في ظل الأزمات التي تسبّبت ببعض جوانبها السلطة نفسها.

المصدر | لوسي بارسخيان - نداء الوطن

الرابط | https://tinyurl.com/3rmf25v4


 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير و برمجة:: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 979765346
لموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه. موقع صيداويات © 2024 جميع الحقوق محفوظة