لَم ينفَع الغَطاء الكَنسي الذّي أمّنه بيان المطارنة الموارنة لموقف القوى المسيحية على اختلافها وخلافاتها في شيء. ولم يكن له مفعوله في منع انعقاد جلسة الحكومة أمس. رفع المطارنة البطاقة الحمراء في وجه الرئيس نجيب ميقاتي لأنه «لا يحقّ لرئيس الحكومة المستقيلة أن يدعو المجلس للانعقاد من دون موافقة الوزراء، ولا أن يصدِر مراسيم ويوقعها من دون توقيع جميع الوزراء»، فأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال بعد الجلسة أنه سيدعو إلى جلسة ثالثة.ورغم أن النقاش في جلسة الساعات الثلاث انحصر ببند الكهرباء، إلا أن الجلسة أصابت مرمى التيار الوطني الحر بأكثر من هدف. أولاً، بمبدأ عقد الجلسة الذي يعارضه التيار، وثانياً بمشاركة وزيري السياحة وليد نصار والاقتصاد أمين سلام المحسوبين على الرئيس السابق ميشال عون بما يؤكد إمكانية تأمين نصاب وزاري حتى في حال تغيّب وزراء حزب الله عن الجلسة أو انسحابهم. وأخيراً، أن ميقاتي رغم تمرير ما طالب به وزير الطاقة وليد فياض من سلف خزينة لتأمين الفيول وللصيانة، إلا أنه فعل وفقَ الصيغة التي يريدها ميقاتي وليس صيغة الـ 24 وزيراً.
وعلى عكس الجلسة السابقة، لم تشهد جلسة أمس سجالات أو مواقف عالية السقف، بل إن عدداً كبيراً من الوزراء الحاضرين أكدوا ضرورة انعقادها قبلَ أن يستمعوا إلى شرح مطوّل من المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك الذي قدّم شرحاً تفصيلياً تقنياً وعلمياً حول خطة الكهرباء، بطلب من رئيس الحكومة، وشكّل حضوره مفاجأة بعدما كان وزير الطاقة أسرّ بأن الحايك لن يحضر في غيابه.
في الشق التقني والمالي، كانَ لفياض جزء مما أراده. فهو طلب سلفة خزينة بقيمة 62 مليون دولار لإفراغ الشحنة الأولى من «الغاز أويل»، كبداية لحلّ أزمة البواخر العالقة في عرض البحر، و54 مليون دولار لزوم صيانة وتشغيل معملي دير عمار والزهراني. أما المبالغ الأخرى المطلوبة لحدود 300 مليون دولار، وهي سلفة خزينة بقيمة 42 مليون دولار لتغطية شراء الفيول، وسلفة خزينة واعتمادات مستندية بقيمة 142 مليون دولار مؤجلي الدفع لستة أشهر، فقد أقرها مجلس الوزراء، لكنها بقيت معلقة بناءً لتقييم ستقوم به لجنة وزارية يرأسها ميقاتي وتضم وزراء الطاقة والتربية والأشغال والداخلية والدفاع والعدل والثقافة ونائب رئيس الحكومة، ستجتمع لتطلع دورياً من مؤسسة كهرباء لبنان على كل ما يلزم للاستمرار في التشغيل. وهذه اللجنة سبقَ أن طالب بها فياض الذي يعتبر أن «عليها الاجتماع سريعاً لتمرير سلفة الـ 42 مليون دولار، وتفادياً للغرامات الإضافية لمصلحة شركة فيتول بحرين عن الباخرتين المتعلقتين بتشغيل معملي الجية والزوق».
لم يصدر عن التيار الوطني أي تعليق أو موقف حول انعقاد الجلسة أو مشاركة وزراء حزب الله فيها


مصادر رئيس الحكومة اعتبرت أن «قرارات مجلس الوزراء تؤكد أنه لم يكُن يتعاطى من منطلق كيدي، بل كان يصر على تأمين غطاء قانوني لهذه السلف». وفي هذا الإطار، تساءلت مصادر وزارية عن موقف فياض الذي يعتبر فريقه السياسي أن القرارات المتخذة غير ميثاقية وغير دستورية، معتبرة أنه «اليوم في وضع لا يحسد عليه بعدما نصب رئيس الحكومة فخاً محكماً له ولفريقه. فهو بالطريقة التي انعقدت فيها الجلسة والالتزام بمناقشة بند الكهرباء مع ترحيل البنود الأخيرة، ظهرَ كمن يتقصد تهدئة الأجواء مع القوى المسيحية وسكب الماء الباردة فوق الحملات الملتهبة بإعطاء انطباع بأن أحداً لا يريد كسر الجرة مع المسيحيين»، وأن «الضرورات» هي ما حتّمت انعقاد الجلسة من دون أن تكون هناك نية لاستفزاز أحد، علماً أن جدول الأعمال كان موسعاً ويلحظ بنوداً عدّة منها ما يعنى بالبيئة والنفايات والتربية والتعليم الرسمي والصحة وغيرها. وفيما أشارت المصادر إلى أن «القرارات تحتاج إلى توقيع رئيس الحكومة ووزير المال والوزير المختص، قالت إن رئيس الحكومة سيأخذ توقيع وزير الطاقة من المراسيم التي وقعها وأرسلها منفردة، كما حصل مع وزير الدفاع سابقاً»، في حين أشار وزير الطاقة إلى أن «الحكومة وافقت على كل اعتمادات الكهرباء المطلوبة بقيمة 300 مليون دولار لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة الطوارئ، كما كنا نطالب وليست بحاجة إلى توقيع جديد كون هذا التوقيع موجوداً على المراسيم التي سبقَ وأرسلناها».
وبحسب مصادر وزارة الطاقة فإن ما تم إقراره أمس يفتح الباب أمام تمويل استيراد كميات من الفيول لإنتاج نحو خمس ساعات من التغذية يومياً، لمدة خمسة أشهر. وفي حال تم سريعاً تنفيذ الاتفاق المجدد مع العراق، سترتفع ساعات التغذية إلى ثمان، وستعمل مؤسسة كهرباء لبنان على برنامج مكثف للجباية يتيح الاستمرار في تمويل عمليات شراء الفيول في الفترة المقبلة من دون الحاجة إلى الاستمرار في طلب سلف من الخزينة. وقالت المصادر إنه بناء على قرارات جلسة أمس، يتوقع أن تبدأ قريباً جداً عملية تفريغ البواخر الأربع المتوقفة في عرض البحر على أن تباشر مؤسسة الكهرباء العمل على رفع ساعات التغذية فوراً.
أما في الشق السياسي، فلم يصدر عن التيار الوطني أمس أي تعليق أو موقف حول انعقاد الجلسة أو مشاركة وزراء حزب الله فيها.