حرب غزة التدميرية.. تسيل لعاب شركات السلاح الأميركية والإسرائيلية

An Israeli soldier checks a Merkava tank stationed in the Israeli-occupied Golan Heights along the border with Syria on September 1, 2013. The Israeli cabinet authorised on August 28 a partial call-up of army reservists amid growing expectations of a foreign military strike on neighbouring Syria, army radio reported. The unspecified number of troops are attached to units stationed in the north of the country, which borders both Lebanon and the Golan Heights.
جانب من نشر الجيش الإسرائيلي دبابات ميركافا في ظل الاستنفار للحرب (غيتي)

شركات الأسلحة جزء جوهري من حرب الإبادة، فبينما يسقط الآلاف قتلى وتدمّر البنايات والبنية التحتية، تجني هذه الشركات الأرباح من كل قنبلة تمحو بيتا، ومع كل قذيفة تسقط في حضن طفل تحمله أمّه.

في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تُستخدم منظومات سلاح متقدمة وذكية، كثير منها تصنعه شركات أميركية مدرجة على مؤشر "ستاندرد آند بورز للفضاء والدفاع" في البورصة الأميركية.

منذ بدء حرب الإبادة في غزة، شهد المؤشر الأميركي المذكور، المختص بشركات الطيران والأمن، ارتفاعات ملحوظة بلغت 5.88% خلال الأيام العشرة الأولى للحرب.

المدير التنفيذي لعملاق الأسلحة الأميركيّة "آر تي إكس" جريج هايز أرسل تقريرا للمستثمرين بعد أيام من حرب غزة، يحثهم فيه على تأييد المساعدات العسكريّة الأميركية لإسرائيل، مؤكدا أن المساعدات الأميركية ستنتِج اتفاقيات جديدة لتصدير الصواريخ.

ارتفعت أسهم هذه الشركة، التي تصنع الرادارات والقذائف الموجهة والشريكة في مشروع "القبة الحديدية" الإسرائيلي، بنسبة 13.46% منذ بدء الحرب على غزة. وقد تلقى هايز في العامين الأخيرين 63 مليون دولار.

مديرون نافذون

على المنوال ذاته، أفادت تسريبات بأن جيسون آيكن نائب رئيس شركة جنرال دينامكس، التي تزوّد إسرائيل بقذائف مدفعية، بشّر المستثمرين بصفقات كبرى جراء الحرب الإسرائيلية. وحققت أسهم الشركة ارتفاعا بنسبة 9.72% منذ بدء الحرب وحتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا سيما مع الإعلان عن إرسال نماذج تجريبية من المركبات التكتيكيّة الخفيفة "فلاير 72" لاختبارها ميدانيا في غزة.

وآيكن هو عضو في إدارة "الدائرة المستديرة للأعمال"، وهي واحدة من مجموعات الضغط الأشد تأثيرا في السياسات الأميركية التي قادت توجهات سياسية واقتصادية تاريخية.

توماس دونيلون DONILON THOMAS وهو مستشار أميركي مع زوجته كاثرين راسل مديرة اليونيسيفCatherine M. Russell
توماس دونيلون زوج مديرة اليونيسيف كاثرين راسل (رويترز)

كبرى شركات الأسلحة الأميركيّة "لوكهيد مارتن" تزود إسرائيل منذ عقود بطائرات "إف-16″ و"إف-35" وصواريخ هيلفير وغيرها المئات من الأسلحة والمعدّات منذ عقود.

ارتفعت أسهم الشركة، منذ بداية الحرب وحتى 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بنسبة 10.65%، مديرها التنفيذي جيم تايكليت تقاضى في العامين الأخيرين ما يقدر بـ66 مليون دولار، إضافة إلى أسهم بقيمة 25 مليون دولار يمتلكها في الشركة.

تايكليت عضو في إدارة مركز أبحاث مجلس العلاقات الخارجية، وهو أحد المراكز الأشد تأثيرا في القرار السياسي والعسكري في البيت الأبيض منذ بداية القرن الـ20.

شركة بلاك روك، أكبر مؤسسة إدارة استثمارات في العالم، لها استثمارات بأكثر من 13 مليار دولار في الشركات الثلاث المذكورة أعلاه فقط، ومليارات غيرها في شركات تصنّع أسلحة محرمة دوليا، كالفوسفور الأبيض والقنابل العنقودية.

المدير العام لمركز أبحاث الشركة المسؤول عن إنتاج المعرفة والأبحاث الجيوسياسية من أجل الاستثمارات المستدامة هو توماس دونيلون زوج المديرة التنفيذيّة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) كاثرين راسل.

الحرب تنعش شركات إسرائيلية

رغم تراجع مؤشر بورصة تل أبيب بنسبة 9% منذ بدء العدوان وحتى نهاية الشهر الماضي، فإن التدهور الذي شهده السواد الأعظم من الشركات الإسرائيليّة لم يمس شركات الأسلحة، بل أنعشها.

شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية كانت قبل اندلاع حرب غزة تحقق أرباحا كبيرة، ففي العام 2022 بلغت عقود التصدير الأمني الإسرائيلي 12.5 مليار دولار. وبحسب المعطيات الإسرائيليّة تضاعفت الصادرات الأمنية خلال عقد واحد، وارتفعت خلال 3 سنوات بنسبة 50%.

ساهم في هذه القفزة عاملان مركزيّان، أولا: الحرب في أوكرانيا حيث أفرغت مخازن أوروبا من السلاح، فجُدد المخزون الأوروبي بصناعات إسرائيلية، وثانيا: اتفاقيّات التطبيع مع الدول العربية التي فتحت سوقا جديدا وهائلا لـ120 شركة أمنية إسرائيليّة.

على غرار الشركات الأميركية، تتحول المجازر الدموية إلى قفزات متوالية لشركات الأسلحة في بورصة تل أبيب.

ارتفعت أسهم شركة "العين الثالثة" الإسرائيلية بنسبة 83.73% منذ بداية القتال وحتى نهاية الشهر الماضي، وبلغت قيمتها 20 مليون دولار. بعد أيّام قليلة من بداية القتال، أعلنت الشركة عن صفقة بقيمة 4 ملايين دولار لتزويد زبون محلي بمنظومة "ميدوزا" لاكتشاف الطائرات المسيرة بارتفاعات منخفضة.

مجموعة "أيرودروم" لصناعة الطائرات المسيرة شهدت قفزات عديدة، كان أقصاها يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بارتفاع سهمها بنسبة 202% عن بداية الحرب. شركة "ليوناردو دي آر إس" العاملة في مجال الرادارات التكتيكيّة ارتفعت أسهمها بنسبة 24%، لتبلغ قيمتها في السوق 5 مليارات دولار.

شركة "إف إم إس ميغون" المختصة بصناعة الدروع الباليستية الخفيفة ارتفعت أسهمها بنسبة 11.4% لتبلغ قيمتها في السوق 280 مليون دولار. أما شركة "أريت" للصناعات، المختصّة ببيع المركبات الإلكترونية للقذائف والمعدات العسكرية، فارتفعت أسهمها بنسبة 25.9%، وبلغت قيمتها في السوق 61 مليون دولار.

وبالنسبة للشركات الكبرى مثل ريفائيل وإلبيت والصناعات الجويّة فهي تعد من كبرى 35 شركة أسلحة في العالم، بحسب "ديفينس نيوز". يعود ارتفاعها الضئيل إلى قيمتها وأسعار أسهمها المرتفعة أصلً قبل الحرب، والتي تعرضها لأخطار أكثر من غيرها، إذا تلقى الجيش الإسرائيلي ضربات مؤلمة خلال مسار القتال. رغم ذلك، فإن الصحافة لا تهمل التأكيد على التصاعد الجديّ في مؤشراتها خلال العام الأخير.

خسائر الاقتصاد

هذا الكم الهائل من الأسلحة الجديدة، إضافة إلى مخازن من الذخائر والعتاد الأقدم، كلها تكلف إسرائيل مليارات الدولارات يوميا.

بحسب الصحافة الإسرائيلية، تتعمد الحكومة إخفاء التكلفة اليومية للحرب خوفا من ضرب التصنيف الائتماني العالمي للدولة.

غير أن الأكيد، وما لا يمكن إخفاؤه، أن هذه المليارات لا تطلق في الفراغ، إنما تعود إلى جيوب من يدفعون هذه الحرب ويمنعون توقفها، ولكن في المقابل تعود هذه المليارات بجثث الآلاف من الناس.

المصدر : أوريان 21 + الجزيرة