صيدا سيتي

الخوري جان الخوري.. رجل الوداعة الإنجيلية

X
الإرسال لصديق:
إسم المُرسِل:

بريد المُرسَل إليه:


reload
الخوري جان الخوري.. رجل الوداعة الإنجيلية

كتب المونسنيور إلياس الأسمر*: 

إبن بلدة المطيلة الشوفيّة، الذي عاش طفولته وصباه فيها، ترعرع تحت سمائها، تردد إلى كنيستها، التي خدمها سلالة من أجداده الكهنة، والذين كان لهم الفضل  في إعلاء مداميكها. لهذا نشأ الطفل جان في أكناف عائلة مسيحيّة مؤمنة، أرضعته والدته  حليب الإيمان، وأخذ عن والده الشجاعة والرجولة، وحب الوطن، فتغلغل في كيانه، فعُرِفَ بوطنيته التي يُشهد لها.

في مطلع شبابه أغوته الحياة الإكليريكيّة، فانتسب إلى إكليريكيّة مار أنطونويس البادواني في كرم سدة، بعد أن قدّمه المطران خليل أبي نادر رئيس أساقفة بيروت المارونيّة، فكان مثال الطالب الإكليريكيّ المحبوب من عارفيه، فاكتسب العلوم اللاهوتيّة التي جسدها في حياته اليوميّة، بروح الوداعة والتواضع. 

ولمّا عَلِمَ أن أبرشيّة صيدا بحاجة إلى دعوات كهنوتيّة إنتسب إلى جسمها الكهنوتي أيام ولاية المطران طانيوس الخوري، والذي منحه سر الكهنوت المقدس في 22 حزيران 1998، وكان باكورة سياماته. كان الخوري جان يرى مع إخوته الكهنة في أبرشيّة صيدا وجه المسيح المتألم كما وصفه النبي أشعيا.

أُوكِلَت إلى الخوري جان خدمة رعايا بسري وخربتها، ومزرعة المطحنة وتعيد، أثناء الإحتلال الإسرائيلي، فخدم هذه الرعايا بغيرة رسوليّة، وعطاء مجاني. فكان يؤمِّن الإحتفالات الليتورجيّة في الأعياد والآحاد، يتنقّل بين الطرقات في ظروف صعبة، معرِّضاً حياته وحياة عائلته للخطر. 

عاش الخوري جان كهنوته الرعوي بين أبناء رعاياه بتجرد وبنقاوة قلب وبروح رسولية مبنية على الإنفتاح، فكان بيته مفتوحاً أمام أبناء الرعايا لاستشارةٍ أو لطلب خدمةٍ رعوية، فكان دائما حاضراً مع زوجته، وهذا ما شهد له أبناء الرعايا. وشهد له أبناء الجنوب أثناء عدوان تموز 2006 بحسن الضيافة والمروءة والمحبة، عندما استقبل بعض العائلات في منزله هاربة من نار العدو.

أوكلَتْ إليه السلطة في الأبرشيّة مهمة وكيلٍ على أرزاق الأبرشيّة، وهذا ليس بجديد على عائلة الخوري، فجده  الخوري يوسف لوالده أوكل إليه المطران أغوسطين البستانيّ السهر على قناة نبع الصفا العائدة وقفيتها لفقراء الطائفة في أبرشيّة صيدا المارونيّة. سهر الخوري جان على إدارتها، وعمل فيها مثال العامل في كرم الرب من الصباح إلى المساء لا يعرف الراحة. وحتى وإن خلد إلى النوم، كان دائما يفكر في إنجاح العمل الذي أوكل إليه، بشهادة النائب الأسقفي العام السابق على الأبرشيّة، فأثمر سهره، بأن أعطت أرزاق الأبرشيّة أضعافًا من المحاصيل الزراعيّة. وكأني به راهب يعمل في أرض ديره.

حمل الخوري جان نير المسيح بكل فرح، ما تذمَّر يوماً، ولا تراجع أمام صعوبة، فهو صاحب المواقف الصلبة الذي لا يساوم على حقيقة، ولا يرضى بالظلم، فقد كان همّه خدمة المسيح المسمّر على الصليب. 

عُرف بالكاهن المتواضع بين أبناء الرعايا وتحديداً في رعايا إقليم الخروب التي خدمها بتضحية وإنسحاق، فكان محبوباً من جميع من عرفه من مسلمين ومسيحيّين، الذين كانوا يكنّون له كل احترام وتقدير. وهذا ما ترجم يوم دفنه عندما أمّت دار المطرانية وفود من كل أنحاء الأبرشيّة لتقديم واجب العزاء، فتمّ فيه ما قاله بولس الرسول "من زرعَ بالشِّح فبالشّحِّ يحصد ومن زرع بالخير فالبخير يحصد". زرع  الخوري جان بالخير في الرعايا التي خدمها سهلاً وجبلاً، فحصد بالخير، وعمّ الخير أينما حلّ، فهو ابن سلام.

* النائب الأسقفي العام السابق في أبرشيّة صيدا المارونيّة


 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير و برمجة:: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 980955107
لموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه. موقع صيداويات © 2024 جميع الحقوق محفوظة